19 سبتمبر 2025

تسجيل

أبو الغلابة

22 أغسطس 2011

• أسميه أبو الغلابة هو عبدالكريم، عبدالرحمن الرحيم المتعب بدمع المتعبين، دوماً أجده مسؤولاً روحياً عن الموجوعين بالفقر، ومعنياً بالمأزومين بالحاجة، دائماً (حامل هم) الواقعين تحت سكاكين الحاجة القاهرة وقد احتطبوا هم إعالة أسر لا تجد ما يكفيها، دائماً مشغول بهم إنسان ما، هذا يبحث له عن عمل، ويحاول مساعدة من يعمل ودخله لا يكفيه، وتلك أرملة تعول ولا تجد لينشط في أن يوفر لها مصدر رزق يحفظ ماء الوجه، استشعر دوماً كلما جمعنا حديث أنه ليس من الذين ينتظرون رمضان الكريم كي تشتد همته بمساعدة المنكودين بهمومهم، بل هو مع هموم الناس دوماً، يحاول التخفيف عن أشكال وألوان من الأوجاع، يحركه قلب جميل، وحس نبيل يجعله في عون الناس، ولعل إنصاته الجميل لمحدثيه الذين يبثونه شكواهم مزية أخرى في عالم يحب ناسه الكلام كثيراً وطويلاً، لا أدري كم أعان محتاجاً، لم أحص كم فتح بيتاً، وستر معوزاً، ورحم ماء وجه من الخجل، لا أدري، لكن الذي أدريه ويصلني تماماً أنه من الذين يفتحون أبواب الأمان والأمل أمام اليائسين المتعبين من ضربات الحياة الموجعة، كما استشعر من كل ما يتعناه أنه يعتبر نفسه مسؤولاً عن كل مهموم، ومعنياً شخصياً من دون بشر العالم بإدخال الفرح على قلب كل محزون، الأجمل أنه يقدم كل ما يقدم دون ابتهاج أو غبطة أو فرح بما يفعل، وإنما برجاء أن يتقبل الله!! اللهم تقبل منه وأذق قلبه فرحاً لا يعرفه إلا تقي، واجعله دوماً في قضاء حوائج الناس حتى يلقاك ويفرح بما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر. • لو آمنا حقيقة بأن كل جميل نزرعه سنجده طارحاً غداً ما تخلينا عن غرس وردة، وقلع شوكة. • لماذا يقتصر التعاطف، والتواد، والسؤال عند البعض على رمضان؟ لماذا يضرب الجفاف المشاعر طوال العام؟ • هل ينقضي رمضان وقد غرس فينا وروده وعطرنا بعبيره؟ هل غرس فينا سامحني أخطأت بحقك؟ سامحني قصرت بواجبك؟ سامحني ظلمتك؟ سامحني اغتبتك وبهتك؟ • بدأت العشر الأواخر فيا سعد من انتبه ولبى. • مشادة في المسجد حدثت بين سيدتين، الأولى حاجة مسنة، والثانية شابة تصحب معها طفلين قلبا مصلى النساء ضجيجاً، وطرق، وركض، وضرب على ظهور المصليات بكفوفهما (الحلوين بيلعبوا) انتظرت السيدة المسنة حتى انتهت التراويح وسألت بأدب (أولاد من ديله.. وين أمهم؟) الأم لم ترد، كررت: وين أمهم؟ ظلت الأم منكرة لنفسها عندما لاحظت غضب المصليات مما فعل الأطفال أثناء الصلاة، ولما وجدت ألا مفر عرفت بنفسها وهي خارجة من المسجد بطفليها، قالت السيدة المسنة (يا بنيتي) صلاتك في بيتك أبرك لك ما عرفنا نصلي، لا خشوع، ولا سكينة، ولا متابعة الإمام!! هنا علا صوت الشابة بسؤال مستفز: "لما أصلي في بيتي عيالي يتعلموا يحبوا المسجد إزاي؟" ردت عليها السيدة المسنة (ربي عيالك أولاً على الالتزام بأدب المسجد واحترام الصلاة وبعدين اتكلمي عن حب المسجد)، لم يعجب أم العيال (الحلوين) ردها وقد تكاثرت عليها المصليات يعاتبنها على ضجيج الأولاد وينصحنها بالصلاة في بيتها، ويؤكدن أن الحاجة عندها حق فيما تقول، هنا علا صوت أم الأولاد (الحلوين) لتقول وهي خارجة من المسجد "خلاص اللي عايز سكينة يصلي في بيته، أو اكتبوا على المسجد ممنوع الإزعاج!!!" وأمام هذا المشهد المتكرر كثيراً مضطرة أن أعود لما كتبته منذ سنتين بمرافئ طالبة من وزارة الأوقاف أن تتكرم بتوفير مشرفات وليكن متطوعات يمنعن منعاً قاطعاً باتاً دخول الأطفال (الحلوين) الذين يعكرون على المصلين، مع ضرورة أن يخصص الدعاة بين الصلوات دروساً للالتزام بأدب المسجد. • نعم قال رسولنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه "لاتمنعوا إماء الله مساجد الله" وأكيد كان يخص بهذا التوجيه المصليات الملتزمات التزاماً كاملاً بأدب دخول المرأة المسجد، وأكيد لم يكن يعني الرسول الكريم المتبرجات الخارجات للصلاة بالعطور، والبخور، والزينة، والدندشة، واللامع، والفاقع، (وكمان الميك أب) وأكيد لم يكن يعني المصليات اللائي ترتفع أصواتهن بحكايا السوق، والبيوت، وآخر الأخبار، حتى يضج مصلى الرجال من أصواتهن، ويضج الإمام مؤنباً ولافتاً أنظارهن لمخالفاتهن ولا حياة لمن تنادي، نفس الصوت العالي والتعامل مع المكان كأنه سوق أو مول أو صالون للدردشة والحكايات، والويل الويل لو انتقدت السيدات إحدى المصليات معهن (بياكلونها أكل).