14 سبتمبر 2025

تسجيل

الشرق الأوسط في أجندة مرشحي الحزب الجمهوري

22 يوليو 2015

استعرضنا في المقال السابق المبادئ العامة للحزب الجمهوري، وسلطنا الضوء على التحولات الكثيرة في مواقف الحزب من القضايا الداخلية والخارجية، وافترضنا أن استشراف سياسة الإدارة الأمريكية القادمة لا يتحقق فقط من خلال معرفة الخلفية الحزبية للمرشح، ولكن من خلال استعراض برامج المرشحين المحتملين، كل على حدة. وفي هذا الإطار يبدو "جيب بوش" صاحب الحظ الأوفر في الفوز بترشيح الحزب الجمهوري، وعليه نستعرض فيما يلي أهم ما جاء في خطاباته الانتخابية عن الشرق الأوسط وقضايا العالم العربي والإسلامي.ينطلق جيب في رسم سياسته الخارجية من انتقاد مواقف الإدارة الديمقراطية الحالية وعلى رأسها باراك أوباما، حيث يفترض جيب أن أوباما بدلا من أن يظهر الزعامة الأمريكية ويدافع عن القيم الأمريكية، انسحب من المسرح العالمي واختار مهادنة أعداء أمريكا. وفي هذا الصدد يرفض جيب الاتفاق النووي الذي وقعته إدارة أوباما مع إيران، ففضلاً عن أن إيران عدو تقليدي للولايات المتحدة وراعية للإرهاب والحروب بالوكالة ضد المصالح الأمريكية وفقا له، فإن وجه الخطورة الأساسي في الاتفاق النووي معها أنه لا يمس البنية التحتية للقدرات النووية الإيرانية ويترك إيران كخطر محتمل على إسرائيل. ويعتبر جيب بوش أن الاتفاق النووي كاشف للطريقة التي تتعامل من خلالها الإدارة الأمريكية مع قضايا السياسة الخارجية بشكل عام، والتي تتلخص في التفريط في الهيمنة الأمريكية والتسامح مع الأعداء (إيران) والإساءة للأصدقاء (إسرائيل).أما فيما يتعلق بتنظيم الدولة، يرى جيب أن إدارة أوباما مارست الكلام أكثر مما مارست الأفعال لمواجهة التهديد الذي يمثله هذا التنظيم، كما أنها قدمت القليل من العون للدول التي تواجه التهديدات الإرهابية، ويخص جيب بالذكر اليمن – التي يفترض أنها تمثل شريكا أساسيا وموثوقا به في الحرب ضد تنظيم القاعدة والشبكات الإرهابية الأخرى. كما ينتقد جيب انخفاض الدعم الموجه للعراق لتجنب الوقوع في فلك الهيمنة الإيرانية.وفيما يتعلق بملف العلاقة مع إسرائيل يعتبر جيب بوش أن العلاقات بين البلدين قد تراجعت — بسبب سياسات أوباما — عن المستوى الذي ينبغي أن تكون عليه، ويدين جيب التعامل الفاتر بين أوباما ونتنياهو، ويؤكد أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يستحق المزيد من الدعم على كافة المستويات ومن ذلك ضرورة تدخل الإدارة الأمريكية لمنع أي قرار يتعلق بإدانة حكومته وسياساتها في الأمم المتحدة.ولا يرى جيب أنه يتعين إجبار إسرائيل على تقديم أي تنازلات لإقناع الفلسطينيين بالجلوس على مائدة المفاوضات، كما لا يرى أن تدين الإدارة الأمريكية أي توسع تقوم به الحكومة الإسرائيلية للمستوطنات في أي من الأراضي التي تحتلها، ويرى جيب أن أي حل للأزمة الفلسطينية يجب أن يتم عبر تعاون وثيق واتفاق كامل بين الإدارة الأمريكية والحكومة الإسرائيلية (لا يذكر جيب الطرف الفلسطيني هنا)، ويؤكد في المقابل أن حل الدولتين لا يمكن أن يتحقق قبل أن يتوفر للفلسطينيين قادة قادرون على الالتزام بتعهداتهم وبنتائج ما يتم الاتفاق عليه (في تلميح منه إلى أن الطرف الفلسطيني هو المسؤول عن عدم التوصل إلى حل للأزمات التي يعاني منها). ويؤكد جيب أن من حق إسرائيل ألا تقدم أي تنازل للتوصل إلى سلام في الشرق الأوسط طالما أنها لا تشعر بالأمن!.وفيما يتعلق بموقفه من بعض الأنظمة في المنطقة، صرح جيب بوش بأنه ينوي دعم النظام المصري، مؤكداً أن الرئيس المصري يستحق أن يكافأ لدوره في مواجهة ما يسميه "التشدد الإسلامي"، معتبرا أن دعمه سوف يساعد الإدارة الأمريكية على تنفيذ سياساتها في المنطقة. مبديا دهشته إزاء تردد الإدارة الحالية في التصريح بالوقوف في صفه في الحرب التي يشنها ضد المتشددين. وعندما سئل المرشح الجمهوري المحتمل عما إذا كان يعتقد أن الرئيس المصري يمكن تصنيفه على أنه رئيس ليبرالي، أجاب بأنه ليس كذلك، ولكنه أضاف أنه يتعين أن تتسم السياسة الخارجية للولايات المتحدة بالبراجماتية، وذلك بأن توازن بين إيمانها بالقيم الليبرالية، وبين احتياجها للأمن.وبشكل عام يعتقد جيب أن "الأمن" مقدم على الديمقراطية، ولهذا يذهب إلى أن من الأفضل أن يتم دعم الأنظمة غير المستقرة في المنطقة وتعزيز أمنها على اعتبار أن ذلك من شأنه أن يدعم الديمقراطية بها (لا يوضح كيف). ولا يرى جيب في هذا نكوصا عن رسالة الولايات المتحدة، فوفقا له فإن الديمقراطية هي واحدة من القيم التي يتعين على الولايات المتحدة أن تدعمها ولكنها ليست القيمة الوحيدة.ورغم أن تصريحات جيب توحي أنه ليس متحمسا لنشر الديمقراطية، إلا أن هذا لن يمنعه من تبني عقيدة تدخلية في شؤون المنطقة. فالتدخل في حالة جيب سيكون لتثبيت الأوضاع الراهنة ودعم الحلفاء المتعاونين مع الإدارة الأمريكية، وهذا هو نمط التدخل التقليدي، الذي مارسته الإدارات الأمريكية المتعاقبة منذ بداية انخراطها في الشرق الأوسط في منتصف القرن الفائت.أما عن موقفه من الإسلام، وفي رده على سؤال عن اعتقاده إذا ما كان الإسلام دين سلام، أجاب، أن بعض المنتسبين للإسلام مسالمون، أما الإسلام كدين فإنه يعتقد أنه قد تم اختطافه من قبل البرابرة (!) الذين يريدون تدمير الحضارة الغربية، وأنه بهذه الكيفية لا يعد دين سلام!. في المجمل لا تبدو التعليقات السابقة للمرشح الجمهوري مثيرة للدهشة، فهي مجرد امتداد لسياسة أخيه جورج دبليو بوش، والذي أعلن جيب أنه مستشاره الأساسي لشؤون الشرق الأوسط. وكأن المرشح الجمهوري المحتمل يريد أن يستفيد من نفس الأوراق التي استفاد منها أخوه من قبل، وخاصة أصوات اليمين المتدين، واللوبي الصهيوني، وذلك حتى يزيل المخاوف التي يحتفظ بها البعض تجاهه (والتي ناقشناها في مقال سابق)، حتى لو كان ثمن ذلك أن يعيد نفس الأخطاء التي وقع فيها آل بوش من قبل.