16 سبتمبر 2025
تسجيلأطلق عليها ما شئت فكر التميّز أو ثقافة التميّز، أو إدارة التميّز أو حياة التميّز، أو منظومة التميّز أو دورة التميّز، فهي رائعة وتلفت النظر، ولها من الجمال ما لها، وتشجع وتحرك الفرد، والمؤسسة كذلك على تبني هذا الفكر ونشر ثقافة ومنظومة التميّز، وتتحمل الإدارة العليا في أي مؤسسة المسؤولية الأولى لاستيعاب فكر التميز ونشره وتحقيقه على أرض الواقع. فــ "التميّز منظومة شاملة تستهدف تحسين الأداء وتحقيق النتائج ذات الأثر، وتعتمد على تطوير إستراتيجيات مبتكرة، واستخدام أدوات فعّالة لتحقيق التميّز بكفاءة عالية وحركة دائبة، وترتكز كذلك على الفهم الواضح لاحتياجات كل من يتعامل مع المؤسسة وتوقعاتهم، وتسعى لتقديم خدمات متميزة تفوق كل التوقعات"، ولا ترضى بالدون أو الأدنى في الأداء وحركة التعامل. ورحلة التميّز طويلة، تبدأ بالبحث عنه وتلمّس مواقعه في عالم الإدارة وما تحمله الثورة المعلوماتية والتقنية من الجديد والمفيد، ولا يتحقق التميّز بجمال العرض وتنميق وتصفيف الكلام، ولا برسومات التخطيط التوضيحية الجذابة، ولا بكثرة الظهور الإعلامي للمؤسسة باللقاءات والتصريحات نحن كذا وكذا، ولا بجمال المبنى من الداخل والخارج، ولا بكثرة تصدير الشعارات، ولا بالسعي للحصول على جوائز-وإن كان هذا أمر مشوّق ومرغوب ومحبوب لدى أي فرد ومؤسسة لنشر ولتعريف المجتمع بتميّزها الحقيقي- ويتوقف كل شيء بعد ذلك وينام الفرد والمؤسسة، ولكن بالتخطيط الصحيح والتميّز في الإعداد والجهد المتواصل من الجميع، وتكاتف الجهود، وما التميّز إلاّ انعكاس لفكر من يقود المؤسسة وجميع العاملين فيها لتطوير أعمالها وحركة أدائها واستمرارية هذا التميز، فهذا هي إدارة التميّز المرجوة، إنها رحلة التميّز. فالمؤسسات الواعية بمختلف مسمياتها وأعمالها تعمل على تطوير وبناء قدراتها بهدف تحقيق التميّز في أدائها وهو عنوانها الرئيسي الذي تسعى له وتنشده، فالبيئة المؤسسية بيئة متغيرة ففيها الكثير من الفرص لإحداث التميّز- ويا حسرة على من يضيّع الفرص-، وتعتريها كذلك الكثير من المشكلات والعقبات، ومع مرور الوقت قد يهبط أداؤها وتكتفي بما لديها إذا هي لم تسارع إلى إحداث تغيرات وتطوير مؤسسي حقيقي فاعل وتأتي بجديد، فلابد من مواصلة الجهود للاستمرار، فقادم الأيام هو للتميّز. فديننا الإسلامي حث على التميّز وشجع قيم التميّز والابتكار والإبداع، وقدّر الجهود المبذولة واقعاً في جميع المجالات أفراداً وجماعات، ومن يقرأ سير المتميّزين في تاريخنا يجد التميّز له تشجيع وصدىً ومكانة في مساحات الحياة، وما زالت أسماؤهم حاضرة بيننا إلى ما شاء الله-رضي الله عنهم-، فكانت لهم المكانة اللائقة والأثر بين الأمم والمجتمعات في صناعة الحياة-رحمهم الله-. إنها رحلة التميّز. "ومضة" يقول ابن خلدون رحمه الله "يوزن المرء بقوله، ويقوّم بفعله". وكذلك المؤسسات.