11 سبتمبر 2025
تسجيلالتنمية المستدامة هدفها تحسين ظروف المعيشة لكل فرد في المجتمع وتطوير وسائل الإنتاج وأساليبه وإدارتها بطرق لا تؤدي إلى استنزاف الموارد الطبيعية، وذلك لتلبية حاجات الحاضر دون المساس بقدرات الأجيال المستقبلية على تلبية حاجاتها، وللتنمية المستدامة ثلاثة أبعاد رئيسية حددتها الأمم المتحدة وهي البيئة والمجتمع والاقتصاد، وللوصول لهذه الأهداف لابد من وجود رقابة على الخطط والبرامج للتأكد من جدية الحكومات والمؤسسات من تنفيذ هذه الخطط والبرامج. وقد بذلت دولة قطر جهوداً كبيرة لتحقيق التنمية المستدامة تمثلت بإطلاق رؤية قطر الوطنية 2030 والتي تهدف لتحويل قطر إلى دولة قادرة على تحقيق التنمية المستدامة وتأمين العيش الكريم لشعبها جيلا بعد جيل وتستند هذه الرؤية على أربع ركائز وهي: التنمية البشرية والتنمية الاجتماعية والتنمية الاقتصادية والتنمية البيئية. ونظراً لأهمية المواطن لدى الحكومة في دولة قطر فقد تم إضافة التنمية البشرية لركائز التنمية المستدامة وذلك لتمكين الشعب القطري من التعامل والتفاعل مع النظام العالمي الجديد الذي يقوم على المعرفة ويتسم بالتنافسية ويتم ذلك بوجود سكان متعلمين وأصحاء بدنيا ونفسيا ولديهم قوة عمل كفؤة وملتزمة بأخلاقيات العمل. وعلى مستوى التنمية الاجتماعية تتطلع دولة قطر إلى بناء الإنسان القطري القادر على التعامل بجدارة ومرونة مع متطلبات عصره والمحافظة على أسرة قوية متماسكة تحظى بالدعم والحماية الاجتماعية، ويكون للمرأة دور فعال في كافة جوانب الحياة، ويكون للدولة دور إقليمي مهم وبناء. اما في مجال التنمية الاقتصادية فقد تم التركيز على إدارة حكيمة للموارد الناضبة لتضمن للأجيال القادمة موارد وإمكانات كافية لتلبية طموحاتها والاستغلال الأمثل وخلق توازن بين الاحتياطي والإنتاج وبين التنويع الاقتصادي ودرجة الاستنزاف، وتحويل الموارد الطبيعية الناضبة إلى الاستثمار في بنى تحتية بجودة عالية وبناء آليات فعالة لتقديم الخدمات العامة مما يؤدي إلى تنويع الاقتصاد وتحويل قطر إلى مركز إقليمي للمعرفة وللنشاطات الصناعية والخدمات عالية القيمة. وبخصوص الركيزة الرابعة المتعلقة بالتنمية البيئية فإن الرؤية تعمل على حماية البيئة الطبيعية والمحافظة عليها من منطلق الشعور بالمسؤولية، والتوازن بين متطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية وبين الحفاظ على الموارد الطبيعية برا وبحرا وهواء، ويتم ذلك بوضع إطار قانوني ومؤسسات بيئية فاعلة لصون الإرث البيئي لقطر. وبعد استعراض الركائز الأربع لرؤية قطر الوطنية 2030 يتضح جليا أن هذه الرؤية عبارة عن خارطة طريق لمستقبل قطر، ولتحقيق ما تضمنته قامت الحكومة خلال السنوات الماضية بإطلاق العديد من المبادرات والخطط منها استراتيجية التنمية الوطنية الأولى 2011-2016 واستراتيجية التنمية الوطنية الثانية 2018-2022 والتي تضمنت العديد من البرامج والمشاريع. ومن أجل تحقيق رؤية قطر 2030 والتنمية المستدامة يأتي دور الرقابة متمثلة في ديوان المحاسبة من خلال قيامه بالرقابة المالية والتدقيق للتأكد من تنفيذ الخطط والبرامج والمشاريع الموضوعة، بما يحقق الكفاءة في إدارة المال العام، والاستغلال الأمثل للموارد، خصوصاً أن القانون رقم 11 لسنة 2016 بشأن ديوان المحاسبة ساهم في تعزيز آليات الرقابة والتدقيق على المال العام وأعطى صلاحيات رقابية أوسع بتنوع وتعدد الرقابة التي يمارسها ديوان المحاسبة على الجهات الخاضعة لرقابته، وبموجب هذا القانون أصبح لدى ديوان المحاسبة أنواع إضافية من الرقابة وصلاحيات لم يكن منصوص عليها بالقانون السابق مثل رقابة الأداء ورقابة الالتزام ورقابة المشاريع والتي بدورها تعزز قدرات الديوان في المساءلة وتوسيع نطاق عمله. والخلاصة أن رقابة ديوان المحاسبة ذات أهمية عالية في تحقيق رؤية قطر الوطنية 2030 وأهداف التنمية المستدامة، فهو جهاز لديه الكفاءات والخبرة ويعتمد أعلى المعايير في مجال العمل الرقابي مما يمكنه من تصحيح مسار الأجهزة الحكومية والمؤسسات الخاضعة لرقابته، وإصدار التقارير والتوصيات التي ترفع من أداء تلك الجهات وتمكينها من تحقيق الأهداف، وهو ما يساهم في رفعة ورفاهية المجتمع وضمان حاضر ومستقبل الأجيال.