14 سبتمبر 2025

تسجيل

المواطنة التي لا تؤنب!

22 يونيو 2021

قرار مجلس الشورى منح المجتمع الوعي الكافي ليستمر في الحملات التوعوية والتمهيدية لتجربة جديدة تفتح المجال للشعب بحق التصويت وحق التشريع وحقوق المطالبات للإصلاح والتغيير. وكما سبق وذكرنا بأنها مسؤولية يحملها الجميع على عاتقه لدعم العملية الجديدة وفهم أساسياتها التي لا نتمنى لها أن تنجرف نحو المصلحة والتبعية إن لم يتدخل الجميع في عملية التعريف بالنظام الديمقراطي المقبل ودور كل طرف تجاه هذه الخطوة الهامة. وأنا لا أسعى للتمهيد التوعوي في الحقيقة لتجربة أولى بالتحديد لمجلس شورى مرتقب، فالحملة التوعوية تتطلب قدراً من الوقت ودعماً من كافة الأطراف كي تساهم في التأكيد على أهمية مشاركة الفرد في مثل هذه الأنظمة. إنما سيكون علينا المراقبة والتمعن فيما سيحدث في التجربة الأولى لمجلس شورى والتعرف على من سيكونون حاملي أمانة مجتمع، وناقلي أصواتهم، ومدافعين عن حقوقهم. وكخطوة مصاحبة للمراقبة، علينا التركيز والمباشرة على ما هو مقبل وما سيأتي لاحقاً من استمرارية للنظام وما يقتضيه من احتياجات، إذ نبحث كمجتمع عن الناخب الكفء كما يبحث النظام في المقابل عن المجتمع الواعي والمتفاعل حول ما سيدور داخل المجلس من قضايا تطرح على الطاولة. بالتالي، علينا أن نشدد على أهمية التنشئة التعليمية كمتغير ضروري جداً لتهيئة أجيال قادمة تمكنهم من المشاركة السياسية وتضمن لنا مخرجات تدرك أبعاد المشاركة وتعزز من مفهوم المواطنة. من خلال ما سبق نقف عند محورين رئيسيين جداً للتمهيد الوطني العميق، ألا وهما: المواطنة والتعليم. لا شك بأن مفهوم المواطنة يرتبط بشكل حساس جداً بخصوصية المجتمع أو الثقافة المحلية. ولطالما - وبشكل نظري - حاول الكثيرون من أصحاب الفكر في التعريف عن مفهوم المواطنة والتي تحدد علاقة الفرد بالدولة وعلاقة الدولة بالفرد. فلا اتجاه واحد سيكون ناجحاً بين تلك العلاقتين، إنما تحديدها يأتي بناء على الانتماء والعدالة والمساواة، كما الولاء واحترام سيادة القانون والأمن. علاقة طردية تعني على الصعيد الوطني على سبيل المثال بزيادة الولاء وما يقابله من زيادة الانتماء، إذ تعتبر المعادلة تكاملية ناجحة، حيث لا يطغى جزء على الآخر وإلا أصبح هناك خلل في العلاقة وقد تتحول إلى علاقة اضطهادية أو بوليسية بحسب أنظمة سياسية مرت عبر التاريخ. بالتالي، من المعيب أن نقول بأنه من الصعب تحديد مفهوم المواطنة اليوم على مستوى محلي، على قدر ما نحاول أن نشرح العقلية السائدة التي طغت على المفهوم بشكل مجتمعي مغالط. ما يحدث اليوم من حيث التأثير على مفهوم المواطنة يأتي بالمستوى العاطفي الذي قد ينبع من تفاعلات في وسائط اجتماعية بحسب تصاعد إشكاليات سياسية مختلفة. ويأتي هذا التوجيه في تحديد المفهوم للمواطنة من باب التبعية وخصخصة المفهوم من دون الفرصة التي تمكن من منح المتغيرات أن تضيف للمفهوم دوراً من حيث تعزيز مكانة ودور المجتمع المدني، على قدر ما ظل المفهوم حبيس المشاعر. وتأتي رؤية الدولة في تمكين النظام المشاركة الشعبية اليوم والذي يعطي للمفهوم الإمكانيات الإضافية والدور الفاعل للمواطن بكافة حقوقه وصلاحياته، والتي تقابل دوره الفاعل ولاءه تجاه وطنه. بمعنى آخر، حتى لو تجدد مفهوم المواطنة بشكله المدني والديمقراطي، فلن يغير من نسبة الولاء للوطن، فلنعتبر الموضوع من المستحيلات أن تنفصل المبادئ ويضعف الانتماء. إنما يؤكد لنا هذا التغيير انتقال فكرة الانتمائية بشكل أكثر تجانساً وتماسكاً للحمة المجتمع. بالتالي، عملية التأنيب والعاطفة التي تتفاقم على مفهوم المواطنة عبر وسائل التواصل الاجتماعي ليست إلا توجهات غير منطقية نحو طرق فهم الانتماء والمواطنة، مبنية على مواقف محدودة وفي زمن معين. وهذه العاطفة في المفهوم تتطلب التنشئة التعليمية لأجيال قادمة تحتاج إلى إعادة صياغة لقيم المواطنة وقدرة النظام التعليمي على تحديد العلاقة بين الفرد والدولة. إذ نلح على أن التنشئة التعليمية يجب أن ينظر لها تزامناً مع بداية نظام ديمقراطي منتخب، فهذا النظام يحتاج إلى مخرجات تعليمية من ذوي الكفاءة، وأصوات من أجيال مقبلة تعلو بالحوار الحضاري والنقد والمساءلة ممن نتأمل لهم مقاعد في المجلس. لذلك علينا إشاعة ثقافة المشاركة السياسية والتأكيد على أن مفهوم الولاء قائم على القومية والمواطنة الفاعلة وليس على المصلحة الشخصية أو الانتماءات المرجعية. وهذا متغير تعليمي مهم جداً، يعنى بالارتقاء في المجتمع في كافة الجوانب وتأهيل الوسائط المتنوعة في عملية التنشئة والتي يترأسها النظام التعليمي. رسالتي لمن يؤنب باسم المواطنة: دعها بعيدة عن المشاعر والانفعال المؤقت، فهي متجددة لأجل وطن ومواطن. [email protected]