11 سبتمبر 2025

تسجيل

بساطة حفل زواج

22 يونيو 2020

كل شاب يحلم بحفل زواجٍ يحضره الجميع، وكل فتاة تريد أن يكون حفل زفافها أجمل وأحسن من الفتاة الأخرى حتى ولو كانت أختها التي تزوجت قبلها، هل القصة انتهت عند هذا المشهد؟. لا. فهناك مشاهد وفصول أخرى من القصة، وهو أن كل أم فتاة تريد أن يكون حفل زفاف ابنتها لا مثيل له، حتى ولو تأخر هذا الحفل بسبب الجائحة، المهم عندها أنه يُنفق على هذا الحفل الأموال الطائلة، ويكون في قاعة واسعة، وتحفها الأضواء المثيرة، والأصوات الصاخبة، والطاولات المزركشة، والأطعمة بصحونها المتنوعة، والمشروبات وبكُؤُوسها الملونة-ومع الأسف لا يأكل ولا يشرب منها إلاّ القليل- ثم يرمى به في الحاويات، والقصد من كل ذلك أن يُتحدث به بين النساء، كل هذا لساعات معدودة، وبعد ذلك ينتهي كل شيء، ولكن من الذي سيدفع كل هذا البذخ؟ إنه الزوج وإعانة والده الكريم له، وتبقى الديون تلاحقهما بسبب هذه المبالغات التي لا معنى لها، سوى المفاخرة بين الأسر" والمفوشر والمزاباه" ألا بئس من صنيع عمل وخفة عقل.-ولا نعمم- ولكنه واقع. هل نحن في مجتمع المظاهر والتفاخر بها من أولوياته؟ وهل نحن في مجتمع التكلف وتبذير الأموال هنا وهناك على شهوات آنية من ضرورياته؟. مجتمعاتنا ابتليت بنماذج شوهت قيمة البساطة المجتمعية التي كانت تعيشها وعرفتها العائلات من قبل، فغدا عندها حب الظهور حتى ولو قصم الظهور، ومجاراة الآخرين من أساسيات إقامة حفلات الزواج. متى تستيقظ هذه العقول وتعمل على إرضاء ربها تعالى أولاً وآخراً وتضع خلفها كل هذه المظاهر الزائفة الخادعة الكاذبة وراءها، بل وتكنسها ثم تضعها في حاويات القمامة بلا رجعة؟ ألا من أب رشيد وأم عاقلة وشاب متزن وفتاة واعية؟!. فلنشيع قيمة البساطة في حفلات الزواج وسترون بإذن الله كل خير ومباهج الأفراح تَعُمُنا!. يحدثني أحدهم بقوله المشكلة عند أم الفتاة(العروس) هي التي تريد تأخير حفل زواج ابنتها، والسبب أنها تريد أن يكون الحفل كذا وكذا، وآخر يقول –بالنص- العلة في أم العروس وتقول هذه ابنتي الأولى أو الوسطى أو الأخيرة أريد أن تفرح هي كذلك كما فرحت أختها التي سبقتها. وهناك مشهد آخر متعلق بالمعرس أو بالشاب، هو الذي يريد تأخير حفل زفافه بعد الانتهاء من جائحة (فيروس كروونا) بمراحلها الأربعة، ولا يريده حفلا فيه من البساطة، يريد حفلا فيه من التصوير ونشره على منصات التواصل الاجتماعي، (وغيري مب أحسن مني)، وغير ذلك من الأوهام التي يعيشها هذا الشاب وغيره، هكذا سمعته من بعض الشباب. وهكذا المشاهد لا تكاد تنتهي من الأوهام التي تضعها تلك الأم أو الفتاة أو الشاب على أمور تافهة جداً، كان بالإمكان تجاوز كل هذه المشاهد الصاخبة التي لا معنى لها وإقامة حفل زفاف شعاره (البساطة راحة) دون إسراف وإضاعة الأموال المنهي عنها شرعاً أصلاً. فإلى متى سنظل أسرى لهذه العادات والأحلام الواهية التي لا تحقق لنا أي شيء مما نرجوه ونأمله. وصدق من كتب " فلو كان التكلف يُشترى لعُدّ في السفهاء من يَشتريه ويحق لوليه أنه يحجر عليه، وكذا اللامبالاة لو كانت من الفاكهة لعدت من أردئها وأدناها ولا تصلح إلا علفا للدواب". وكل ما يُفعل الآن في حفلات الزواج من بدايتها وإلى نهايتها مخالف للهدي النبوي الشريف، وما أروعه من هدي نبوي: ((أولِمْ ولو بشاةٍ))، ((أولَمَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على بَعضِ نسائِه بمُدَّينِ مِن شَعيرٍ))، ((ما أولَمَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على شيءٍ مِن نسائِه ما أولَمَ على زينبَ، أولمَ بشاةٍ)). أما الآن فكم يذبح؟ وكم من صحن يوضع هنا وهنا ولا أحد يأكل؟! فلنتعلم ولنعلّم كيف كانت البساطة لدى صُنَّاع حياة في أجمل مباهجها وأحلى أفراحها دون تكلف ولا تبذير ولا إسراف. ونحن ومع جائحة (فيروس كروونا)، وقد تأجلت حفلات الزواج، وكان المفروض أن تكون في الأشهر الماضية، ولكن -قدر الله وما شاء فعل-. ولكن أن تسمع الآن بحفلات زواج بسيطة تقام بين أسرتين كريمتين، وبشروط محددة للسلام والتهنئة من قبل أقرباء الأسرتين، سواء بالحضور والتهنئة السريعة، أو عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي الرقمية. والحمدلله.. تأتينا الأخبار بأن عوائل طيبة الأصل أقامت حفل الزواج ببساطة، فكانت الأموال التي ستنفق على القاعات والأكلات والمشروبات وغير ذلك من الكماليات الباهظة الثمن التي لا معنى لها بتاتاً، أصبحت من نصيب الزوجة تدخره وتعين زوجها إذا أحبت وكرماً منها بطيب نفسٍ، لا انتظار ولا مبالغات، ألا ما أجمل البساطة حين ننثرها في حياتنا!. فالبساطة راحة بال.. والبساطة أمان اجتماعي.. والبساطة إنفاق بتدبير وحسن تقدير.. والبساطة هي الكرم الحقيقي.. والبساطة تحفظ النعم وتبارك فيها..والبساطة فعال طيبة تخرج من عوائل كريمة الخصال.. والبساطة قيمة عاشت مع صُنَّاع الحياة فآتت أحسن الأُكل على المجتمع الذي كانوا يعيشون فيه؟ فهل ندرك كل هذه المعاني، ونصحبها معنا في حركة حياتنا ؟ أم ما زالت قيمة (شوفوني) تلاحق من به مرض وعلة (المفوشر والمزاباه)!. "ومضة" ونقول لمن أقدم على حفل الزواج ببساطة في هذه الفترة " بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير" أحسنتما صنيعاً ولكم منا أجمل التبريكات وصحبتكما المودة والرحمة في حياتكما. إنها حكاية البساطة مشاهدها وفصولها لا تنتهي، ولكن من روادها...؟