12 سبتمبر 2025

تسجيل

محمد الخضر حسين شيخ الأزهر (2)

22 يونيو 2016

ولما قامت الحرب الطرابلسية بين الدولة العثمانية وإيطاليا، وقف الخضر حسين قلمه ولسانه إلى جانب دولة الخلافة، ودعا الناس إلى مساندتها، وحين حاولت الحكومة ضمه إلى العمل في محكمة فرنسية رفض ذلك، وبدأ الاستعمار الفرنسي يضيق عليه ويتهمه ببث روح العداء له؛ فاضطر الشيخ محمد الخضر حسين إلى مغادرة البلاد عام 1329هـ واتجه إلى إستانبول.وبدأ شيخنا رحلته بزيارة مصر وهو في طريقة إلى دمشق، ثم سافر إلى إستانبول ولم يمكث بها طويلاً، فعاد إلى بلاده ظناً أن الأمور قد هدأت بها، لكنه أصيب بخيبة أمل وقرر الهجرة مرة أخرى واختار دمشق وطناً له، وعين بها مدرساً للغة العربية في المدرسة السلطانية عام (1331هـ) ثم سافر إلى إستانبول واتصل بأنور باشا وزير الحربية، فاختاره محرراً عربياً بالوزارة، ثم بعثه إلى برلين في مهمة رسمية، فقضى بها تسعة أشهر، وعاد إلى العاصمة العثمانية، فاستقر بها فترة قصيرة لم ترقه الحياة فيها، فعاد إلى دمشق.واختتم رحلته المباركة بالاستقرار في القاهرة عام 1339هـ ثم عمل محرراً بالقسم الأدبي بدار الكتب المصرية، وحصل على الجنسية المصرية، وظفر بشهادة العالمية الأزهرية بتفوق كبير بلغ من إعجاب رئيس اللجنة بالطالب العالم أن قال: (هذا بحر لا ساحل له، فكيف أن نقف معه في حجاج) لذا لا نعجب أن يصبح إماماً للجامع الأزهر فيما بعد.شاء الله تعالى أن يمتحن الحياة الفكرية بعاصفة عاتية أثارها كتابا: (الإسلام وأصول الحكم) لعلي عبد الرازق، و( في الشعر الجاهلي) لطه حسين، وكان الشيخ محمد الخضرحسين واحداً ممن خاضوا هذه المعركة بالحجة القوية والاستدلال الواضح والعلم الغزير معا.وقد نهض الشيخ محمد الخضر حسين لتنفيد دعاوى الكتاب فأصدر كتابه (نقض كتاب الإسلام وأصول الحكم) سنة 1344هـ . وأما الكتاب الآخر فقد ظهر سنة 1345هـ وأحدث ضجة هائلة، فرد الشيخ محمدالخضر حسين عليه وألف كتاباً ثانياً أسماه:( نقض كتاب في الشعر الجاهلي) فندّ ما جاء فيه، وأقام الأدلة على أصالة الشعر الجاهلي، وكشف عن مجافاة طه حسين للحق، وأعتماده على ماكتبه المستشرق الإنجليزي مرجليوث. هذا وبالله التوفيق