11 سبتمبر 2025
تسجيلكما كان توقفنا في المقال السابق بعودتنا إلى البيت لنيل قسط من الراحة إلا أنه كان شغلنا في تلك اللحظات هو التخطيط لاستئجار مسكن كما أشار بذلك علينا شيخنا الشيخ عبد العزيز الشبل بقوله : إن البيت "الفيلا" أفضل لنا من الشقة في المدينة .ولم يكن من السهل الحصول على البيت المناسب فقد بحثنا من حي إلى آخر دون جدوى ، ولكن كما قيل ـ استعينوا على كل قرية بأهلها ـ فقد اقترح علينا رشيد بن سلطان بيتا عند أحد الأطباء من أهل المدينة هو الدكتور نصر بن عصفور الذي تعرفنا عليه أول مرة وأرانا المسكن واتفقنا معه على إيجار شهري. كان الدكتور نصر - الذي توثقت صلتنا به بعد استقرارنا في السكن - رجلا ذا مودة وجيرة فقد كان يتعهدنا بزيارته وإكرامه خاصة وأنا لمسنا منه أنه من أهل الصلاح والهمة العالية فقد كان يحمل شهادتين في الطب والشريعة ، وكثيرا ما كان يقول بأنه لمس من خلال دراسته بأن دراسة علم الشريعة أصعب من الطب ـ بعكس ما هو شائع لدى الناس ـ فهو يرى بأن صعوبة الشريعة تكمن في رحابتها وتعدد مدارسها بينما مدارس الطب محددة ومعروفة. وأثناء فترة مقامنا كان الدكتور نصر يرسل لنا الغداء بين الحين والآخر ، وإذا حل الشتاء يرسل لنا حليب الزنجبيل ، وإن أصابتنا وعكة كان يأتينا حاملا سماعة الطبيب فيصف الداء ويكتب الدواء الذي كثيرا ما كان يصرفه من عنده حيث غالبا ما كان يحتفظ بالأدوية عنده.وقد وهبه الله إضافة إلى ذلك تعبير الرؤى فكان تعبيره يصدق كفلق الصبح ، فمن الرؤى التي عبرها لي أني سأدرس على كبار المشايخ في المدينة المنورة وقد حصل ذلك بفضل الله .وكان من أول ما شرعنا فيه من يومنا الأول هو تكوين مكتبة للاطلاع والمراجعة تضم كتب المراجع والمطالعة في السكن وكانت أول مكتبة زرناها هي مكتبة المغامسي في آخر طريق سلطانة من جهة الجامعة حيث اشترينا عدة كتب كان منها كتاب بداية المجتهد ونهاية المقتصد لابن رشد الحفيد بتحقيق الحموي، وقد سرني أن الجامعة قامت بتوزيع الكتاب على طلبة الدكتوراه كمشروع لإخراجه في حلة علمية، كما أخذنا كتاب روضة المناظر وجنة المناظر في الأصول للشيخ ابن قدامة بتحقيق الشيخ عبد الكريم النملة -رحمة الله على الجميع ـ وقد كان من عادتنا أن نزور المكتبات كل أسبوع ونشتري كتبا حتى تكونت لنا مكتبة كبيرة بفضل الله ضمت أكثر من ثلاثة آلاف كتاب تنوعت مصادرها من مكتبات المدينة ومكة والقصيم والرياض، وكنا حريصين على اقتناء الكتب وذلك لنصيحة شيخنا الشيخ عبد الرحمن بن شمسان الذي كان يحثنا على شرائها ويقول: ربما يأتي وقت لا يعاد طباعة الكتب ويصبح الكتاب نادرا ، ويذكر قصة حصلت له بأنه رآى كتابا في معرض ولم يشتره ثم إني حتجت له لاحقا فبحثت عنه في المكتبات ولكن لم أجده لأنه نفد من السوق ولم تعد طباعته