12 سبتمبر 2025

تسجيل

الوقف الخيري وعبقرية حضارتنا

22 يونيو 2015

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); إن الوقف الخيري كان عبقرية من عبقريات الحضارة الإسلامية؛ ذلك أنه فتح المجال للمجتمع الإسلامي كي يخدم نفسه بطرق فذَّة متجددة، فأبدع في هذا المضمار، وتنوعت الأوقاف الخيرية من وقف على المساجد والمدارس والمستشفيات وطلبة العلم والفقراء والأيتام والمعوزين، ودخلت الأوقاف في جوانب أخرى طريفة ولافتة بلا شك، مثل أوقاف إمداد الأمهات بالحليب والسكر في عصر صلاح الدين الأيوبي، وهي أسبق في الوجود من جمعيات نقطة الحليب، مع تمحُّضها للخير الخالص لله عز وجل، وثمة مؤسسات وقفية إسلامية أُقيمت لعلاج الحيوانات المريضة أو لإطعامها أو لرعيها حين عجزها، وشاهد الدكتور مصطفى السباعي رحمه الله أحد هذه الأوقاف في دمشق وهو وقف المرج الأخضر للخيول والحيوانات العاجزة المسنة، تأكل منه حتى تُلاقي حتفها.إننا بحق نملك تراثاً فقهياً ناضجاً يكشف لنا كيف أبدع العقل الإسلامي في هذه المسألة، وأخضعها لمقدار الأهمية، من حيث التعريف والتهيئة والإدارة والمسؤولية الفردية والاجتماعية، واحترام شروط الواقف بل وجعلها كنص الشارع ما لم تُخالف شرعاً، وكيف أعمل الفقهاء مبدأ المصلحة العامة بنقل الوقف أو استثماره أو إيجاره والبحث عن أفضل العناصر لإدارة مقاصد الخير الإسلامي.إن عظمة التشريع الإسلامي تكمن في مواءمته لمتطلَّبَات كل عصر ومِصْر؛ فشريعتنا مرنة بَيْدَ أنها ذات أصول صُلبة، يسيرة لا تعقيد فيها ولا لبس، تهدف إلى رفع المشقَّة والحرج عن الناس أجمعين، وقد حرصت على جلب المصالح الشرعيَّة المعتبرة والمرسلة؛ وكان الوقف الخيري دليلاً — لا مشاحة فيه — على روعة التشريع الإسلامي وغايته السامقة، ودليلاً على عبقريَّة العقليَّة الإسلاميَّة التي استحدثت من الآليات والوسائل ما أسهم في نهضة المجتمع الإسلامي دون ضرر أو حيف.