14 سبتمبر 2025
تسجيللقد حاول الرجال بن عنفوة أن يخلق بيئة مشابهة لبيئة النبي – صلى الله عليه وسلم - ففي الأذان كان هذا المشهد الذي يرويه الطبري في تاريخ الرسل والملوك: "كان نهار الرجال بن عنفوة لا يقول شيئاً إلا تابعه عليه، وكان ينتهي إلى أمره، وكان يؤذن للنبي صلى الله عليه وسلم، ويشهد في الأذان أن محمداً رسول الله؛ وكان الذي يؤذن له عبد الله بن النواحة، وكان الذي يقيم له حجير بن عمير، ويشهد له، وكان مسيلمة إذا دنا حجير من الشهادة، قال: صرح حجير؛ فيزيد في صوته، ويبالغ لتصديق نفسه، وتصديق نهار وتضليل من كان قد أسلم؛ فعظم وقاره في أنفسهم".إن هذه الصورة للرحال التي ذكرها الطبري وابن الأثير وابن خلدون وغيرهم من المؤرخين تشير إلى أن الرجال كان المحرك الأساسي لمسيلمة الكذاب، وهذا رفضه الدكتور جواد علي في كتابه المفصل حيث يقول: والذي يقرأ ما ذكره "الطبري" عن "مسيلمة" وعن صلة "نهار" به، يخرج بصورة تظهره شخصًا جاهلًا بليدًا، يحركه ويوجهه "نهار" حيث يريد، لا يفهم ولا يعقل، ولا يعرف كيف يتصرف، ولا يتخذ رأيًا حتى يشير عليه "نهار" به "فكان نهار الرجال بن عنفوة لا يقول شيئًا إلا تابعه عليه".وهي صورة تخالف ما نقرأه عنه في الموارد الأخرى. ولو كان "مسيلمة" على نحو ما صوره الطبري، لما التفت حوله "بنو حنيفة" ولما استماتوا في الدفاع عنه. ولما ضحى الرجال بن عنفوة" و"محكم بن الطفيل" وغيرهما بنفسيهما في الدفاع عنه. حتى إن منهم من بقي مؤمنًا به حتى بعد مقتله، وتغلُّب المسلمين على اليمامة.ولا يستبعد الدكتور جواد علي أن "مسيلمة" كان على علم بالكتابة والقراءة. وإن لم ينص أهل الأخبار على ذلك. كما لم يستبعد احتمال التقائه باليهود وبالنصارى وأخذه منهم، فقد كان في اليمامة قوم من أهل الكتاب، ودعوته إلى عبادة إله هو "الرحمن"، تدل على تأثره بأتباع هذه الديانة وبأهل الكتاب.وهذا الرأي لا يقلل من تأثير الرجال في مسيلمة، لأن الرجال كان أكثر ثقة من مسيلمة عند الناس الذين رأوا أن الرجال مبعوث رسول الله – صلى الله عليه وسلم.هذا كل وجدته عن الرجال بن عنفوة في كتب التاريخ، ولم تذكر الروايات نشأته وتعليمه وثقافته ولكن كل الروايات ركزت على هذه المرحلة المفصلية في حياة الرجل الذي كان مساعدا لمسيلمة الكذاب، والحديث موصول إن شاء الله.