29 أكتوبر 2025
تسجيلتمثل رسالة البيئة في أي مجتمع من المجتمعات رسالة مهمة، تسهم مساهمة كبيرة في الارتقاء بالمجتمع وتطويره باستمرار وعدم الركون عند قوانين أو تشريعات أو تطلعات مشروعات معينة ، والمجتمعات لا تتطور الا بتطوير الفكر البيئي وليس في تغيير الأشخاص والموظفين ، بقدر ما تحتاج رسالة البيئة دائما الى الجودة في العمل واستقطاب الكفاءات الوطنية المؤهلة قبل كل شيء! كما ان السؤال الذي يطرحه جميع افراد المجتمع اليوم هو : هل حققنا بالفعل تطبيق رؤيتنا الوطنية 2030 في المجال البيئي ؟ أم ما يحدث في وزارة البيئة اليوم مخالف تماما لما هو مطلوب منها ومن وزيرها بالتطبيق الصحيح لهذه الرؤية التي ما زالت بنودها وتوجهاتها غائبة عن المشهد البيئي! لقد جعل صاحب السمو أمير البلاد المفدى الشيخ تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني رؤية قطر الوطنية 2030 خريطة طريق واضحة لمستقبل مشرق لدولة قطر ، بحيث تهدف - كما جاء في الرؤية - الى العمل على إطلاق هذه الرؤية إلى الأمام، من خلال الموازنة بين الإنجازات التي تحقق النمو الاقتصادي وبين مواردها البشرية والطبيعية والإنسانية . ** وزارة البيئة وغياب رؤيتنا الوطنية :وتشكّل هذه الرؤية منارة توجّه تطور البلاد الاقتصادي والاجتماعي والبشري والبيئي في العقود المقبلة ، بحيث يكون شمولياً ويستفيد منه مواطنو قطر والمقيمون فيها ، في مختلف جوانب حياتهم . حيث تقوم الرؤية على ركائز عدة هي : التنمية الاقتصادية : من خلال تطوير اقتصاد تنافسي ومتنوع قادر على تلبية الاحتياجات ، وتأمين مستوى عال من المعيشة في الوقت الحاضر وفي المستقبل . والتنمية الاجتماعية : من خلال تطوير مجتمع عادل وآمن مستند إلى الأخلاق الحميدة والرعاية الاجتماعية وقادر على التعامل والتفاعل مع المجتمعات الأخرى . والتنمية البشرية : من خلال تطوير وتنمية سكان دولة قطر ليتمكنوا من بناء مجتمع مزدهر . والتنمية البيئية : من خلال إدارة البيئة بشكل يضمن الانسجام والتناسق بين التنمية الاقتصادية والاجتماعية وحماية البيئة . من هنا وكما جاء في الرؤية : فإن تأمين استدامة النمو الاقتصادي والاجتماعي غير ممكن دون رؤية بيئية شاملة تضع في مقدّم الأولويات الحفاظ على البيئة من أجل أجيال المستقبل في قطر . حيث تهدف رؤية قطر الوطنية 2030 إلى توجيه قطر نحو إقامة توازن بين الحاجات التنموية وبين حماية مواردها الطبيعية ، براً وبحراً وهواءً. من هذا المنطلق ، تركّز الرؤية الوطنية على وضع إطار قانوني ومؤسسات بيئية فاعلة لصون الإرث البيئي لقطر . كذلك تشدد رؤية قطر الوطنية 2030 على أهمية توعية المواطنين الى دورهم في حماية بيئة البلاد ، حرصاً على صحة وسلامة أبنائهم ، ومن أجل أجيال قطر المستقبلية . كما ان هذه التطلعات المتعلقة باقتصاد قطر ومجتمعها وشعبها وبيئتها، والتي تضمنتها رؤية قطر الوطنية 2030 ، ستتم ترجمتها من خلال استراتيجية وطنية للتنمية تقود عملية إعدادها الأمانة العامة للتخطيط التنموي، ويتشارك في وضعها القطاعان الخاص والعام والمجتمع المدني ومواطنو قطر، وذلك عبر آلية تعاونية ، بما يضمن للقطريين مستقبلاً مشرقاً . كما يجب العمل على الموازنة بين تلبية الاحتياجات الآنية ومتطلبات المحافظة على البيئة وهي المحافظة على البيئة وحمايتها بما في ذلك الهواء والأرض والمياه والتنوع البيولوجي (وهي نقاط في غاية الأهمية ولا يجب اغفالها) ، ويتم ذلك عن طريق : شعب واع بيئيا يثمن الحفاظ على الموروث البيئي في قطر وفي الدول المجاورة . ونظام تشريعي مرن وشامل يهدف إلى حماية جميع مكونات البيئة ويستجيب للمستجدات . وبناء مؤسسات بيئية فعالة ومتطورة تقوي الاحساس العام بأهمية سلامة البيئة وتستخدم أحدث التقنيات للحفاظ عليها . وهذه المؤسسات تقوم بتنظيم برامج توعيه بيئية ووضع خطط لحماية البيئة وإجراء البحوث المتعلقة بذلك . ودعم الجهود الدولية للتخفيض من الآثار الضارة للتغير المناخي . ووضع خطة شاملة على مستوى الدولة تعتمد سياسة واضحة للتوسع العمراني والتوزيع السكاني . وتشجيع التعاون الإقليمي بين الدول المحيطة بالخليج العربي لتبني معايير وقائية تخفف من الآثار السلبية على بيئة المنطقة من التلوث الناجم عن النشاطات الاقتصادية فيها .والقيام بدور إقليمي مبادر وبارز في مجال تقييم وتخفيف الآثار السلبية لتغير المناخ ، لا سيما على بلدان منطقة الخليج . وأخيرا دعم الجهود الدولية للتخفيض من الآثار الضارة للتغير المناخي. ** مطلوب التغيير في الفكر الإداري : من المؤسف ان واقع وزارة البيئة اليوم ينبئ عن اقصاء للكوادر القطرية المؤهلة والتي تحتاجها لإدارة العمل البيئي بنجاح ، والحديث داخل الوزارة واقعه مر ، ولابد من العودة لاستقطاب هذه الكفاءات بعيدا عن الاقصاء لان الجميع مطالب بالارتقاء بالوزارة وتطويرها من خلال كفاءاتها الوطنية التي هي اساس اي عمل بيئي يقوم على التخطيط السليم مع تطبيق رؤيتنا الوطنية كما خططت لها الدولة منذ اطلاقها سنة 2008 م . فأنا أرى أن التغيير في الفكر وتغذية وزارة البيئة بالكفاءاة الوطنية المؤهلة هو الاهم في الوقت الراهن بدلا من اقصاء العقول النيرة التي كانت تعمل بها في السابق بإخلاص بغرض تطبيق رؤيتنا الوطنية المنشودة . ويبقى السؤال المطروح: عند الحديث عن المشهد البيئي في قطر عندما نتحدث عن المشاريع البيئية وماذا قدمت؟ . وهل لا يزال الكثير من هذه المشروعات والبرامج مؤجل أو في طي النسيان أو التهميش ان صح التعبير بسبب غياب الدور المطلوب لهذه الوزارة، وما يجب ان تعمله لإنقاد البيئة من اية ازمات أو جهل بالتطبيق الصحيح للأهداف التي قامت من أجلها رؤية قطر الوطنية 2030 ومن ثم غياب الاهداف التي جاء من اجلها تأسيس وزارة البيئة قبل سنوات. والتي جاءت أهداف الوزاره الاستراتيجية لتحقيق التوازن الكفيل بالحفاظ على البيئة وحمايتها في إطار تلبية متطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية . والاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية بما يضمن تنميتها والمحافظة عليها .وضمان الجودة والسلامة والصحة البيئية . والارتقاء بالكفاءة المؤسسية وجودة الأداء . واقتراح وتطوير السياسات والتشريعات لحماية البيئة . وتعزيز الوعي والثقافة البيئية . ودعم وتفعيل التعاون الوطني والإقليمي والدولي . ** وهنا نلاحظ على المشهد البيئي :أولا: ان مفهوم حماية البيئة المنشودة في رؤيتنا الوطنية 2030 غير مطبق او منفذ حتى الآن .ثانيا : يعرف التشريع في أي مجال او موضوع بأنه نتاج لعملية مترابطة من المراحل المختلفة ، وان يتم وضع سياسة عامة له في الدولة من خلال مسوحات وابحاث على المستوى الوطني ومراجعته دوليا من خلال (الاتفاقيات الدولية) التي تتحكم به ثم ينتج منه تعريف المعايير الوطنية الواجب تطبيقها بشرط ان تتماشى مع السياسات المعلنة . وقد قامت الفرق العاملة في السابق بإعداد الخطط التنفيذية لركائز رؤية قطر الوطنية 2030 والعمل على تبني هذا النهج ولكن لم يطبق بحذافيره – مع الاسف - حتى الآن .ثالثا : ثم تتم ترجمة المعايير التي تم التوصل اليها وتطبيق السياسة المعلنة عليها الى فقرات قانونية وهو ما يمثل القانون الذي ينظم موضوع السياسة . رابعا : هناك غياب تام وتهميش وعدم فهم لمحاور البيئة والتعامل معها بالشكل الصحيح وهذه المحاور هي : جودة الهواء ، وحماية الحياة الفطرية والتنوع البيولوجي ، وادارة النفايات والملوثات البيئية ، وأخيرا وهو من المحاور المهمة، الدبلوماسية البيئية من خلال الاتفاقيات الدولية . وهي نفس المحاور التي انشدتها رؤية قطر الوطنية 2030 من خلال العمل على ترجمتها الى مشاريع وبرامج وطنية وتنفيذها خلال السنوات القادمة وحتى سنة 2030 . والسؤال : أين مثل هذه المشاريع وما موقعها من التنفيذ ؟ والى اي مرحلة وصلت ؟ ثم أين مؤشرات حالة البيئة القطرية البحرية والبرية ؟ ثم ان الجميع يتساءل عن مدى كفاءة كادر وزارة البيئة اليوم في هذا الانجاز على المستويين : الوظيفي ، والفني . وذلك من خلال المسؤوليات التي كلفت بها الوزارة لرؤية 2030 رغم ان برامج الوزارة قد اعلنت عام 2010 م أي قبل اربع سنوات!! ** كلمة أخيرة : رسالة وزارة البيئة ما زالت غائبة عن المشهد البيئي الصحيح في قطر، وتحتاج لغربلة وفلترة من جديد لتفعيل محاور حماية البيئة كنتاج لعملية مترابطة في هذه المرحلة؛ لأننا تأخرنا عن اللحاق بركب التقدم!!