18 سبتمبر 2025

تسجيل

إصلاح باليد خير من مليون على الشجرة

22 يونيو 2011

في مقال سابق وتحت عنوان "أين بشار الأسد" كتبته الأسبوع الماضي في جريدة الشرق القطرية تمنيت على الرئيس السوري بشار الأسد أن يخرج عن صمته ويظهر للشعب السوري وللشعب العربي ويتحدث عما يحدث في سوريا الشقيقة وأشرت في ذلك المقال إلى ضرورة معرفة الحقائق وهل ما تتعرض له سوريا مؤامرة؟ ومن يقف خلفها؟ وما هي أدواتها؟ وما هي غاياتها وأهدافها؟ وكذلك تمنيت عليه أن يبادر فوراً بالإصلاح العملي والفعلي وأن يترجم ما وعد به من إصلاحات على أرض الواقع وأن الحل الأمني ليس هو الطريق الأمثل لعلاج ما يحدث في سوريا وأن تقوية الجبهة الداخلية والتفات الشعب حول قيادته هي الدرع الحصين والقوي للبناء والتقدم والتطور ولمواجهة التحديات التي تواجه سوريا والأمة العربية خاصة الأمريكية- الصهيونية ولا يمكن لسوريا أن تقف صامدة إلا إذا تكاتف شعبها مع قيادته وبما أن الشعب السوري خرج مطالباً بالإصلاح فلابد أن تستجيب القيادة وهذا الإصلاح من ضرورات الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لأن الفساد هو العدو الأول لأي دولة أو أمة وهذا الفساد هو الذي طالب الشعب السوري بمحاربته إلى جانب المطالبة بالمشاركة الشعبية وضرورة أن يكون القرار السوري قراراً شعبياً لا يتفرد به زعيم أو حزب حاكم. وبالأمس ظهر الرئيس بشار الأسد ولا أخفي عليكم أنني تسمرت أمام جهاز التلفزيون بانتظار هذه الكلمة لأنني كنت أعتقد أنه سيجيب على كل الأسئلة التي تدور في ذهن المواطن السوري والعربي أيضاً وكنت أتوقع أنه سيعلن عن حزمة إصلاحات جذرية وتطبق فوراً لكن ومع شدة الأسف كان ذلك الخطاب كغيره من الخطابات التي تحمل "سوف" وهذا التسويف تسويف قاتل خاصة إذا علمنا أن الكثير من الشهداء سقطوا بانتظار إصلاحات ملموسة على أرض الواقع. لغة "سوف" هذه أتعبتنا وأتعبت شعبنا العربي فقد استخدم كل من الرئيس المخلوع حسني مبارك لغة التسويف وسوف يفعل كذا وكذا وكذلك الرئيس التونسي الهارب زين العابدين بن علي والرئيس علي عبدالله صالح ومعهم العقيد معمر القذافي لكنهم لم يحققوا من هذا التسويف أي إصلاح ملموس وواقعي فهرب بعضهم أمام ثورة الشعب وخلع الآخر ومنهم من ينتظر المصير نفسه. لقد قال الأسد "سوف" نحقق هذه الإصلاحات ومنها قانون الأحزاب.. وقانون الإعلام.. وقانون الانتخابات.. وندرس كيفية معالجة الدستور هل بمراجعة بعض الفقرات خاصة الفقرة الثامنة التي تجعل من حزب البعث الأمر الناهي والحاكم الديكتاتوري.. كل هذه القضايا التي "سوف" يعالجها النظام السوري والتي أشار لها الأسد لا تحتاج إلى "التسويف" لأنها كانت كما سمعنا منه شخصياً مثار نقاش ومراجعة منذ عام 2005 ونحن الآن في أواخر 2011م، مما يعني إن كان لدى القيادة السورية الوقت الكافي لإنجاز هذه الإصلاحات لو أنه كان عازماً على ذلك. لقد تم تعديل الدستور السوري في يوم واحد من أجل أن يتولى بشار الأسد رئاسة الدولة خلفاً لوالده وهذا كاف لأن نقول إن تعديل الدستور أو صياغة دستور جديد ليس معجزة ولا تحتاج إلى "التسويف" كما أن معالجة الفساد لا تحتاج أيضاً إلى "تسويف" ومماطلة لأن الفاسدين معروفون وبالتالي يمكن تطهير الوطن من هؤلاء وكذلك كل الأمور الأخرى يمكن معالجتها فوراً وبدون "تسويف" قاتل وسرعة المعالجة في هذه الإصلاحات ستكون ممكنة ومتاحة لأنها مطلب جماهيري وعندما تقف الجماهير مع الرغبة من النظام الرسمي بالإصلاح فسوف تكون هذه الإصلاحات سريعة وقوية الأرضية وصلبة المستقبل لأنها إرادة الشعب. لهذا كله كنا نتمنى أن يعلن الرئيس الأسد عن إصلاحات حقيقية وملموسة لا أن "يسوّف" عن هذه الإصلاحات لأن الإصلاح باليد خير من مليون على الشجرة.