18 سبتمبر 2025

تسجيل

مقتل مصطفى بدر الدين ورواية حزب الله المتهالكة

22 مايو 2016

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); توقع البعض أن تكون إطلالة السيد حسن نصر الله أمين عام حزب الله الإعلامية قبل يومين هدفها الإجابة عن علامات الاستفهام الكثيرة التي لم تجد من يفسرها حول مقتل القيادي في الحزب مصطفى بدر الدين في سوريا، واتهام من أطلق عليهم بيان حزب الله وصف "الجماعات التكفيرية" كمسؤولين عن مقتله. لكن نصر الله أكد في إطلالته على هذا الاتهام دون الاستناد لأي دليل أو حتى مجرد قرينة، وحرص على تبرئة ساحة إسرائيل دون مبرر، مما زاد في البلبلة والشكوك، ليس عند المراقبين وخصوم الحزب، بل في البيئة المحيطة بالحزب وكذلك صفوفه الداخلية. المعلومات التي قدمها حزب الله للعالم حول ظروف مقتل مصطفى بدر الدين تكاد تطابق –من حيث الكم- مع المعلومات التي سبق أن قدمها حول مقتل عماد مغنية عام 2008. يومها، كانت الرواية منطقية ومقبولة ولم تُطرح أسئلة أو تُثَر شكوك، رغم أن مقتل مغنية حصل في قلب المنطقة الآمنة بدمشق في ظلّ القبضة الحديدية للنظام السوري، لكن العالم صدق الرواية. في المقابل، استهداف بدر الدين تم في خضم معركة مفتوحة تشهدها مختلف المناطق السورية، وانفلات أمني وعسكري، لكن ذلك لم يكن كافيًا لتصديق اتهام "الجماعات التكفيرية". فلو كانت من يصفهم حزب الله بالجماعات التكفيرية تملك صواريخ ذكية كالذي أدى لمقتل بدر الدين لاستهدفت مطار دمشق وسعت لتعطيله، ولو كانت قادرة على استهداف شخصيات وقيادات في مناطق تابعة للنظام، لكانت فعلت ذلك من زمن، ولكانت فاخرت أمام العالم أنها المسؤولة عن هذه العمليات، لكن ذلك لم يحصل.قبل سنوات، في إطار القرائن التي قدمها أمين عام حزب الله لنفي اتهام المحكمة الدولية الخاصة باغتيال رفيق الحريري، استهجن نصر الله حصر المحكمة الاتهام بحزب الله، وتساءل: لماذا لا تكون إسرائيل ضمن لائحة الاتهام طالما أن نتائج الاغتيال جاءت في مصلحتها؟ الاستهجان نفسه يحق للعالم أن يشعر به اليوم، إزاء إصرار نصر الله وحزبه على حصر اتهام الجماعات التكفيرية. ألم يكن من المنطقي أكثر لو تم ترك باب الاتهام مواربًا أمام إمكانية اختراق إسرائيل أو غيرها من الدول أحد فصائل المعارضة لتنفيذ هذه العملية! فالسيرة التاريخية لمصطفى بدر الدين تؤكد أن دولًا كثيرة ما زالت فواتيرها لم تسدد مع بدر الدين ولها مصلحة في استهدافه.خطورة الرواية التي قدمها حزب الله حول مقتل مصطفى بدر الدين تتعلق بجانبين: الأول مرده إلى أن اتهام الحزب لم يحدد جهة بعينها، بل استخدم مصطلح "الجماعات التكفيرية". علمًا أن أقرب منطقة من مكان الحادث يسيطر عليها فصيل معروف الاسم والهوية، لكن الحزب امتنع عن تسمية هذا الفصيل. ربما يريد بهذا الغموض استغلال الحادث لمنح حربه الآثمة على الأراضي السورية وربما في بلاد أخرى تحت عنوان الانتقام لمقتل بدر الدين على اعتبار أنه يواجه الجماعات التكفيرية؟ الخطورة الثانية، هي أنه لم يسبق لأحد التشكيك بالروايات التي يقدمها حزب الله في الحوادث الأمنية التي تستهدفه، نظرًا للحيثية السرية والأمنية التي تحيط بهذه الحوادث. فالعالم صدق اغتيال عماد مغنية رغم أن أحدًا لم يشاهد جثة ولم يتم أي فحص للجثمان أو حتى التأكد من الحمض النووي. والأمر نفسه حصل في جميع الأحداث التي استهدفت كوادر الحزب. لكن عدم منطقية رواية مقتل بدر الدين جرّأت البعض لطرح تساؤلات جديدة: ماذا لو أن بدر الدين لم يُقتل، بل جرى إخفاؤه لحمايته من المحكمة الدولية التي تتهمه بالضلوع في اغتيال رفيق الحريري؟ ماذا لو أن النظام السوري هو الذي يقف وراء مقتله؟ ماذا لو أن تفجيرًا داخليًا هو الذي أدى..، ماذا... ماذا.. خطورة هذا التشكيك أنه لم يعد يقتصر على هذه الحادثة، بل أعاد إلى الأذهان جميع الروايات السابقة وسيطال كل الروايات اللاحقة.أعود لما بدأت به، وهو أن مشكلة التشكيك التي سيواجهها حزب الله في رواياته القادمة لن يكون مصدرها خصومه الذين لا يصدقون معظم رواياته، بل البيئة المحيطة به وصفوفه الداخلية، وسيدفع البعض لإعادة تقليب صفحات قديمة حول حوادث كثيرة مشابهة.