15 سبتمبر 2025

تسجيل

مش حتقدر تغمض عينيك

22 مايو 2014

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); عالمنا العربي وللأسف مليء بالشعارات، متناقض في الأطروحات، متصارع في القناعات، متذبذب في الغايات، متفاوت في التوجهات! وسبب ذلك أن أغلب الشعارات البراقة المرفوعة مدعومة بسيل جارف، وقوى لا ترحم من الإعلانات والدعايات المكثفة والمسلفنة بأحلى الأشكال.وفي إحدى القنوات السينمائية العربية شعار يقول: "مش حتقدر تغمض عينك"!والمقصود بهذا الشعار طبعاً المساكين من شبابنا وشاباتنا بل وحي عجايزنا!"عينك ما تسيب الشاشة، على لقطات ساخنة، وموسيقى صاخبة، ورقصات ساحرة، ومغامرات جديدة، وإبداعات خطيرة... "مش حتقدر تغمض عينك"!هذه القطعة الصغيرة في الجسم التي لا تساوي حجم الأنملة في الأصبع الواحدة، ووزنها لا يزيد على حبة الفول، ومنطقة المشاهدة منها لا تتجاوز حبة الحمص!ومع هذا وذاك فهي موقدة النار، وساحرة الأجيال، ومكمن الداء، وأس البلاء.هي الجنة والجحيم، هي العفاف والزنا، وفي الحديث "العينان تزنيان وزناهما النظر".كم أسقطت من شريف، وأزلت من عفيف، وزيَّفت من عقول، وأحرقت من قلوب، وهيَّجت من نفوس، وفرَّقت من جموع، وخدعت من شيوخ، وضيعت من حقوق، وخرَّبت من بيوت، وأربكت خلقاً وأناسيَّ كثيراً!ولو كان في "موسوعة جينس" أرباب حِجى لكتبوا عن مدمني الشاشات الساعات والساعات التي حملتها الأيام والليالي!" مش حتقدر تغمض عينك " تحدٍ سافر، وهدف واضح، وإستراتيجية مقننة لمن أراد أن يفهم أو لا يفهم.وبلغة الإدارة هناك رسالة ورؤية وأهداف ووسائل!الرسالة: "مش حتقدر تغمض عينك "، والرؤية كل فيلم سينمائي جديد وبلا تحفظ، والهدف مخاطبة جارحة العين الصغيرة، والوسائل تبادل القبلات، وضم الصدور، ومقابلة العيون، وحوار الأرواح، "ورقصني يا جدع"، و "والسح الدح مبو"، و "شخبط شخابيط"،! وعشرات الآلاف من الوسائل متى ما وجد هذا الإنسان الذي إذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل!وكنت منذ زمن طويل أقول: يا ترى من هذا الإنسان مهما أوتي من مال وقدرة ودهاء وخبث الذي يفسد في كل الأرض.وعندما رأيت أناساً يعصون الله نهاراً وجهاراً بجوار الحرم، وفي أكواخ المنازل، وفي صناديق الصحراء، وفي لحظة واحدة، وقد اجتمعوا على منظر واحد، بسبب برنامج فضائي، فهمت الأمر تماماً (وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا).والعجيب أن القرآن أخبر أن المفسد يهلك الحرث والنسل.وهذا المفسد ما انطلقت شرارة فساده إلا من العين!حقاً لقد ذهب الحياء، وذبلت المروءة، وانتفت الحشمة، وقل الأدب، وفتر الضمير، وغاب الرقيب!مررت على الفضيلة وهي تبكيفقالت: علامَ لا أبكي وأهلي فقلت: علامَ تنتحب الفتاةُجميعاً دون خلق الله ماتوالقد أصبح هؤلاء كالكوز مجخياً لا يعرفون معروفاً ولا ينكرون منكراً. لا تؤلمهم الجراحات، ولا النكسات، ولا تخيفهم العقبات والويلات، ولا تردعهم الحوادث والوفيات.ولم يستطيعوا أن يخرجوا من هذه المتع المزيفة، ولم يجدوا لحظة يتفكروا فيها في مصيرهم، وسوء أفعالهم، وشناعة نتائجهم، لأن البركة في " مش حتقدر تغمض عينك "، والبركة في المسلمين والعرب الذين مولوها، ودعموها، وشاركوا في إعلاناتها، وأرسلوا من جوالاتهم رسائل حب وافتخار، وتركوها في بيوتهم تشخمط على عقولهم وقلوبهم شخاميط لا تمحوها الأيام إلا (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوَءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا). وحينها (فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ {7} وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ).فلماذا كلَّما هبت ريح ألقينا ريشنا؟ولماذا كلَّما نعق ناعق، واستبد فاجر، وجد دعمنا وأموالنا؟ولماذا كلَّما فُتحت قناة غنائية أو سينمائية انضمت إليها أختها؟لماذا أصبحت هذه القنوات بنوكاً يمتلكها أحد الفنانين أو من أصحاب مزايين الإبل؟والجواب: لأنها مُوَّلت من جيوبنا نحن المسلمين وجيوب أبنائنا ونسائنا وفتياتنا، وهؤلاء يا ترى هل خرجوا من المريخ، أو تخرجوا من هوليوود، أو عملوا في الكونغرس؟إنهم ربما يكونون لا سمح الله ابني أو ابنك، أو جاري أو جارك، أو صديقي أو صديقك، أو قريـبي أو قريبك.وما ثمَّة طريق لإصلاح هذه النفس إلا بالعودة إلى الله، واستشعار مراقبته، والإيمان المطلق أن من غضَّ بصره عن الحرام أبدله الله حلاوة يجدها قي قلبه، ومن لم يصن نفسه، كثرت آهاته، وطالت حسراته (أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ).