25 أكتوبر 2025
تسجيللا أعتقد أن الانسانية عبر تاريخها قد مرت بوقائع كالتي نمر بها الآن، بين لحظة من غفوة وانتباهة. اصبح الكائن الاجمل اسير جدران منزله، يومه مغلف بالاستماع إلى عدد الضحايا عبر قارات العالم. هذا الوباء الذي حصد الارواح لم يفرق بين لون أو جنس أو عقيدة، يتساوى الجميع، وكالعادة قدمنا ضحايانا في كل الاقطار العربية، ووقفنا في انتظار ما سوف يسفر عنه قادم الايام، وتجلت مساهماتنا في الدعوات، والالتزام بعدم الخروج وارتداء القفازات والكمامات، دون ان نلتفت إلى ما تم وما سوف يتم افرازه من مآس، ولم نلتفت الى انهيار المؤسسات الصغيرة أو الى غياب المواد والموارد الحياتية الضرورية وإلى الغلاء والاستغلال والجشع من قبل البعض، هذا ما كان من مجتمعنا الخليجي، اما الآن فالخروج من المنزل تحد سافر لنظام الدولة. ذلك ان الخوف من ثورة الشارع قد اعاد الى الاذهان يوميات الربيع العربي! ما زاد الأمر واقعاً آخر. مناداة العديد من الاصوات والمقالات والمقابلات بالاستغناء عن الآخر، لا يهم لونه أو حتى عقيدته أو انتماؤه. ذلك ان المستشفيات قد اكتفت بالآخرين، ذلك ان النسبة والتناسب في غير صالح ابناء المنطقة، وهذه الصرخات لم ترتبط بأبناء الخليج، بل ان القارة العجوز عبر تاريخها المتشدق بالانسانية قد وجدت فرصة لاعادة المهاجرين الى اوطانهم وكأنما سيرة الاندلس باقية في الذاكرة وكأنما الدول التي ساهمت في ارسالهم قادرة على احتوائهم!. وان المسكن والعمل والغذاء والدواء متوفر لأمثال هؤلاء الذين ارتموا في احضان الآخر بحثاً عن الامان. الآن.. الصمت يغلف الكون، الآخر يعمل عبر مراكز البحوث ويعمل من اجل انتشال البشرية من هذه الكارثة، ولكن ماذا لو طال أمد هذا الوباء، ونحن أمة ضمن منظومة العالم، ابعد ما نكون عن التفكير في صنع الدواء أو انتاج الغذاء وستطفو على السطح مرة أخرى ازمة اقتصادية من جراء الإفلاس من قبل الشركات الكبرى، وسيغلف واقعنا ازمة إثر اخرى. أزمات آنية لمن يبحث عن رزق حلال في مجتمعنا الصغير، ذلك ان الالتزام بالقواعد والقوانين الالزامية قد اطل برأسه، بدءاً بعامل المغسلة الى اصحاب المطاعم الصغيرة واصحاب سيارات الاجرة، إلى عمال البيوت، وصولاً الى تلك المؤسسات التي توقفت عن دفع الأجور. قد يغلف واقع المنطقة والوطن العربي امور اكثر بعداً وعمقاً ذلك اننا كنا نتفاخر بما منحنا الله من باطن الأرض، وغداً أو بعد غد، سيعيد لنا التاريخ ذات الصورة، عصر كساد اللؤلؤ، ذلك ان العالم في ظل منظومة جديدة تطل برأسها قوامها الصين وامريكا وقد يكون شريك يلعب دور الكومبارس روسيا. فماذا سيكون دورنا في لعبة الأمم الجديدة؟ هل سيكون دورنا ان نطلق لعقيرتنا الصوت، ونردد "هيا يا رجال" تلك الترنيمة القديمة. العالم يتحرك في كل اتجاه، ونحن ما زلنا نعبق بيوتنا بالياوي والمستكى وعلج البان أو الشلولح! وللحديث بقية.