11 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); أدركنا خلال الأيام القليلة الماضية، الذكرى الـ1445 لمولد النبي، صلى الله عليه وسلم، وشهدت تركيا أنشطة وفعاليات مختلفة على مدار أسبوع كامل، استحضرت خلالها المعاني العطرة لسيرة خير البرية، وأهم القيم التي تذخر بها.وفي الوقت الذي استذكرت فيه تلك القيم السمحة لقدوة المسلمين في مغارب الأرض ومشارقها، كان خاطري يصول ويجول في أصقاع العالم الإسلامي، ويستذكر ماضي المسلمين وحاضرهم ومستقبلهم، فانتاب قلبي حزن وكرب ومرارة. * نحن أمّة مَن، ومَن هو قدوتنا؟لعل سجية الأمانة، هي من أهم سجايا وخصال "محمد الأمين" التي أثرت في نفسي وتركت وقعها في أعماقي ووجداني. لنمعن التفكير في تلك السجية، خاصة إذا ما علمنا أن مشركي مكة، كانوا يودعون أهم ممتلكاتهم كأمانة عند الرسول الكريم، على الرغم من معاداتهم له. كانوا يعلمون علم اليقين، أنه لا ينطق إلا الصدق، ولا يخلف وعدًا ولا عهدًا ولا ميثاقًا البتة. كان عليه السلام، يهز مراكز القوّة وأقطاب السلطات السياسية في مكّة المكرمة، ليبني عالمًا جديدًا تمامًا، لقد قاد ثورة كأعظم مناضل عرفه التاريخ، بالرغم من كل الأهوال والأحداث الجسام التي شهدها، وبالرغم من كل الهجمات التي استهدفت أسرته وأصدقاءه وصحبه الكرام، الذين تعرضوا للقتل والتعذيب والطرد. وعلى الرغم من كل هذا، لم يتخل سيد الخلق أبدًا عن أمرين اثنين: الصدق والعدالة، لم يحد عن دربه حتى عندما استشهد أقوى الداعمين له ورفيق دربه، عمّه حمزة بن عبد المطلب، رضي الله عنه، لم تتغير خصاله وسجاياه، وعلى رأسها الصدق والعدالة، في أحلك الظروف والشدائد وفي أعتى الحروب وأشد المعارك وتحت الحصار، ولم يكُ لأيّ من أعدائه أن يصفه ولو لمرة بـ"الكاذب" أو "الوحشية"، وحاشى لله أن يوصف. إن ما أريد أن أقوله، هو أننا أبناء أمّة نبي، نال احترامًا وإجلالًا حتى من قِبَل أعدائه، فما الذي اعترى أمتنا في هذا العصر، وما الذي أوصلنا إلى هذا المنقلب؟ * هل نستطيع وصف مسلمي اليوم بـ"الصدق" و"العدالة"؟إن القلوب لا تقوى اليوم على النظر إلى ما آلت إليه أحوالنا، حيث يقتل المسلمون بعضهم بعضًا في سوريا والعراق واليمن والصومال والسودان وليبيا، ويقطع تنظيم مثل داعش رؤوس الآدميين أمام أجهزة التصوير وعدسات الكاميرات، ليلطخ بأفعاله ميراث أمتنا الحضاري الذي ينضح عبقًا، واسم المسلمين الذين ما فتئوا ينشرون السلام والأمان في أصقاع الأرض على مر التاريخ.وإلى جانب كل هذا وذاك، نرى مقصلة الأسد ما برحت تقص أعناق أبناء الشعب السوري، ذلك الشعب الذي كابد الكثير وفقد عشرات الآلاف من أبنائه المسلمين جوعًا وتحت التعذيب في أقبية السجون، وقتلًا أو اختناقًا تحت الركام أو بواسطة الأسلحة الكيماوية، ما انعكس بشكل سلبي على صورة الإسلام.يقتل المئات من البشر بوحشية وبلا رحمة ولا هوادة، على يد التنظيمات الإرهابية التي تطلق على نفسها أسماء إسلامية ولا تعرف جهات ارتباطها، وتُقصَف المساجد ومراكز التسوق ويُختَطفُ الرجال والنساء والأطفال وتُفرضُ الجزى، وتُؤخَذ الرشى وتُضرَبُ الإتاوات، ويغرق العالم الإسلامي في بحر من عدم الاستقرار والفوضى والأزمات.عندما نأخذ كل ما سبق بعين الاعتبار، ينبغي علينا أن نسأل أنفسنا عن ماهية التصورات والدلالات الشخصية التي يتم رسمها للإنسان المسلم في جميع أنحاء العالم، وهل شعوب الأرض قد تُقدم على إيداع أرواحها وأموالها أمانة لدينا؟، جميعًا نعلم جيدًا أن هذه المسائل لا تحتاج إلى شرح، خاصة إذا أضفنا على ما سبق، عجزنا أمام الأنشطة المتزايدة للإرهاب الإسلامي (الإسلاموفوبيا) في أوروبا، وقتئذٍ سنرى كم أننا نبتعد مع مرور الأيام عن جوهر أمّة "محمد الصادق الأمين"، صلى الله عليه وسلم. * على منظمة التعاون الإسلامي القيام بدور فاعل، وقمت بإعداد مشروع عام 2007، وقدمته لأكمل الدين إحسان أوغلو عندما انتخبت رئيسًا لمنظمة المؤتمر الإسلامي، لم تكن صورة المسلمين في الغرب وفي مناطق العالم عمومًا، حتى في ذلك الحين، بحالة جيدة، وشددت في مشروعي وقتها على ضرورة قيام منظمة المؤتمر الإسلامي (التي باتت تعرف اليوم باسم منظمة التعاون الإسلامي) بحملة كبيرة تهدف لتغيير الصورة النمطية والسيئة التي تؤجج العداء للمسلمين حول العالم، ذلك أن المنظمة هي المؤسسة الوحيدة في العالم الإسلامي التي تمتلك القدرة والتأثير الكفيلين بتغيير تلك الصورة، إلا أن ذلك المشروع وللأسف لم ير النور.أما الآن، فلا أعتقد أن تنفيذ مثل تلك الحملة سيساهم في تغيير تلك الصورة أو سيحمل بين ثناياه أي معنى أو قيمة، ولا أعتقد أن هنالك أي جدوى من أي إجراء يمكن أن يتّخذ طالما لم تضع الحروب في العالم الإسلامي أوزارها ولم تنتهِ ظاهرة الإرهاب، لذا فعلى منظمة التعاون الإسلامي القيام بدورها واتخاذ خطوات جادّة وفعّالة من أجل وقف الحروب ووضع حدّ للإرهاب بشكل فوري وعاجل، وإلا فلن نكون تلك الأمة التي تليق بسيد البشر، وبرسول السلام والعدالة والأمانة والصدق والمحبة، محمد صلى الله عليه وسلم.