18 سبتمبر 2025

تسجيل

غياب الأب وقلق الأبناء

22 أبريل 2015

الأب كما تصفه دائماً الكتب والنظريات بصورته الحقيقية هو الداعم الأولي والأساسي للأسرة وهو المأمن لها من العوامل الخارجية وهو المحب القوي المنفق الذي يحقق للأسرة استقرارها المادي والاجتماعي، وَمِمَّا هو مؤكد فإن غياب الأب أو غياب دور الأب الموجود يعد واحدا من أقوى الأسباب التي تفرض على الأسرة إعادة صياغة حياتها بطريقة تبدو مختلفة عن المعايير الأسرية العامة.وبالرغم من أن غياب الأب قد يكون لأسباب منطقية، كالهجرة من أجل العمل أو أحيانا طبيعة العمل التي تمتاز بالفترة الطويلة، إلا أن الطفل يصعب عليه تفهم هذا الغياب وتقبله، وتزداد المشكلة عندما تفقد الأم القدرة على التكيف الجيد حين غياب زوجها عنها وينعكس ذلك على مزاجها وسلوكها، بل وحتى تعاملها مع أبنائها. ويبدأ قلق الأم ينتقل إلى الأبناء ويؤثر على نموهم النفسي وعلى علاقتهم مع آبائهم. وبالرغم من منطقية غياب الأب في بعض الحالات، إلا أن هناك غيابا آخر يفرضه الأب حتى في حال وجوده، فالأب المنعزل عن أبنائه والذي لا يكترث للجلوس معهم أو محاورتهم أو مناقشتهم وتلبية احتياجاتهم يعد من أشد أنواع الغياب تأثيرا على الأطفال، حيث يمثل لهم ذلك الغياب الافتراضي نوعا من الإساءة العاطفية التي تشعرهم بالقلق وانعدام الشعور بالأمان.إن غياب الأب يمثل غياب دوره الفعّال الذي يختص بالمساندة المعنوية والاجتماعية وكذلك المادية للأبناء.وعلى اختلاف أسباب الغياب من عمل أو وفاة أو سجن أو تنصل بعض الآباء من مسؤوليتهم يعتبر بعض الأبناء الضحية الأولى لذلك الغياب، خاصة عندما لا يتواجد من يحقق لهم البديل الناضج المناسب.وتؤكد الدراسات أن من أهم أسباب فشل الأبناء دراسيا وانحراف سلوكياتهم وتزايد نسبة العنف عندهم هو تغيب الآب أو غياب دوره وعدم احتكاكه بأبنائه. كما أن غياب الأب يمثل غياب أحد أهم الجوانب الفكرية لدى الأبناء، مما يفقد الأبناء فرصة تكوين المعارف والقيم بالأسلوب النموذجي المتكامل. وبالرغم من أن وجود الأم قد يعالج الكثير من مساوئ غياب الأب، إلا أن هذه المعالجة تحتاج لأم تمتلك قدرات ذاتية ومعرفية وعاطفية، من: ثقة بالنفس وقوة في الشخصية وحزم وعاطفة متزنة ووسعة في الأفق تمكنها من إدارة انفعالات أبنائها بالشكل الذي يحميهم من الوقوع في الانحرافات السلوكية أو الفشل المتوقع، نظرا لغياب الضابط الحقيقي وهو الأب. إن الأم الناضجة هي التي تدرك تماما أن القلق الذي ينتاب الطفل هو قلق حتمي ومنطقي نتيجة لفقده معنى الأبوة وهي بهذه المعرفة المعتدلة تصبح أكثر قدرة على تحديد احتياجات أبنائها وبالتالي على تحديد الوسائل التي من خلالها تقدر على سد الثغرات والفجوات وتعبئة حياتهم بالأفكار والقيم المتزنة التي تخفف من أعبائهم النفسية والاجتماعية. وهي قد تحتاج لمساعدة خارجية، كـالأعمام أو الأخوال ولا بأس من ذلك لتفادي اندفاعات الأبناء ولرفع مستوى نضجهم وللتخفيف من حدة قلقهم وخوفهم.