11 سبتمبر 2025

تسجيل

التنمية الاقتصادية .. والتعليم التقني

22 أبريل 2015

لا شك أنه في ظل ثورة المعلومات المتدفقة والمعطيات السياسية التي شهدها العالم العربي خلال هذا العام وفي ظل ما يعانيه التعليم من مشكلات في العالم العربي ومشكلات الباحثين عن العمل والذين يقدرون بالملايين من الشباب العربي، فإن العديد من الدول قد تنبهت وفي وقت مبكر إلى أن التعليم التقني القائم على المهارات والحلول المبتكرة في عالم المعرفة هو أحد الحلول المهمة نحو انطلاق الجيل الجديد، ليس فقط لبناء الذات نحو مستقبل مشرق، بل يعد ذلك أداة حقيقية نحو بناء اقتصاد المعرفة وهو اقتصاد المستقبل والذي نراه عمليا في العديد من البلدان حتى في مرحلة ما بعد الطفرة التقنية والاقتصادية في اليابان ومن هنا فإن التعليم التقني وتنمية المهارات الأساسية هما المنطلق نحو إعداد الأجيال الجديدة للمشاركة الحقيقية في البناء والتنمية، حيث بات واضحا أن مشكلة التعليم في العالم العربي تحتاج إلى تشخيص دقيق، لأن ذلك ألحق ضررا باقتصاديات الدول وجعل التنمية فيها تشهد إخفاقات واضحة، حيث إن مخرجات التعليم في معظم الدول العربية هي مخرجات ضعيفة لا تستند إلى معطيات علمية ومهارات متقدمة، وبالتالي ينضم الآلاف كل عام من الشباب إلى قوافل الباحثين عن العمل وفي ظل نقص المهارات والتسلح بالتقنية، فإن القطاع الخاص والذي يعد قاطرة أي اقتصاد يحجم عن الاستعانة بتلك القدرات والتي تعد ضحية لذلك التعليم التقليدي والذي يعتمد معظمه على التلقين والأساليب التي لم تعد مواكبة مع الطفرة التعليمية والتي تشهدها دول مثل سنغافورة على سبيل المثال، لذلك فإن التعليم التقني المرتبط بالتكنولوجيا واللغة والمهارات هو السبيل نحو خلق جيل يستطيع أن يتماشى ثقافيا وعلميا مع متغيرات العصر بكل ما فيها من تقلبات وقد أسهمت التقنية في نجاح ثورات في العديد من الدول العربية عبر مواقع التواصل الاجتماعي وكيف كان للمهارة في التقنية دور مؤثر في حياة الشعوب.وبات علينا أن نعترف بأن منظومة التعليم بشكل عام في العالم العربي تحتاج إلى تصحيح جذري حتى يمكن أن ينعكس على الرفاه الاجتماعي والنمو الاقتصادي، فالموارد البشرية وتطويرها علميا يعدان المدخل الصحيح نحو بناء القدرات البشرية وهذا يعني أن التطور المنشود في كل مجالات الحياة هو التعليم المبني على الجودة خاصة التعليم التقني الذي أوصل اليابان إلى مرحلة كبيرة من التصنيع والاقتصاد والطفرة التكنولوجية التي جعلت اليابان واحدة من الاقتصاديات المتقدمة في العالم بفضل التعليم الراقي والذي أنتج تلك الثورة المعلوماتية وأصبحت اليابان البلد الذي يشار إليه بالبنان عند الحديث عن الجهد البشري المنظم الذي استثمر التقنيات في عمليات التقدم. فالتجربة العربية في مجال التعليم خلال الخمسين عاما الأخيرة كانت تجربة مخيبة للآمال بدليل أن المتغيرات السياسية وما حدث من زلزال سياسي في العديد من الدول العربية سببه الأساسي هو فشل التعليم وبالتالي ضياع حلم ملايين الشباب في العيش بكرامة والنهوض بالأوطان في كل المجالات.وعلينا في المرحلة الحالية سرعة المراجعة الشاملة لموضوع التعليم والاهتمام بالتعليم التقني حتى يمكن أن ننطلق نحو تحقيق المزيد من التقدم وأن يكون لمواردنا البشرية الدور الفعال نحو ترسيخ مجتمع المعرفة والتقنية لأن التطورات التي يشهدها العالم تدعونا إلى تقييم أوضاعنا التعليمية حتى نواكب المستجدات وتوفير قاعدة قوية للاستفادة من طاقات الشباب والاستغناء عن الأيدي العاملة غير العربية، ومن الضروري الاعتماد على الأيدي العاملة العربية والوطنية في بناء بلادنا حتى تجد لنفسها مكانا لائقا بين شعوب العالم المتقدم.