30 أكتوبر 2025
تسجيلقد تكون من النوع الذي يخاف الثعابين مثلاً، لكن زميلك لا يأبه بها.. وتجد زميلك هذا يخاف من البحر، فيما أنت عكسه.. فهكذا البشر يتنوعون حتى فيما يخافونه ويخشونه. الخوف أمر طبيعي لا شيء فيه، لأنه شعور وإحساس بشري فطري، ولو أن أحدنا كان من النوع الذي لا يخاف، حينها سنقول بأن علة أو خللاً ما فيه، لماذا؟ لأنه يخالف الفطرة والطبيعة البشرية.. كيف؟ هل لكي أكون إنساناً طبيعياً، يجب أن أخاف؟ أقول لك: نعم، لابد أن تخاف. لابد أن تخاف من الخطر ومن الشر ومن الأذى. لكن ليس يعني حين تشعر بالخوف أن تضطرب وترتجف وتقعد مع القاعدين. لا، ليس هذا هو الخوف الذي أعنيه أو الخوف المحمود إن صح التعبير، بل أعني ذاك النوع المذموم. الخوف المذموم هو الذي يتحول إلى مرض نفسي أو يدفعك إلى التخلف والرجوع إلى الوراء والركون وعدم العمل والإقدام والمغامرة.. هذا النوع من الخوف، مذموم غير محمود ولابد أن نواجهه، وإلا أقعدنا عن المسير وتكملة الطريق في هذه الحياة. الخوف الذي أعنيه وأريد الوصول إليه في حديث اليوم هو ذاك الذي يأتي ومعه حس الحذر، أي في الوقت الذي يقدم أحدنا الى عمل ما، لابد أن يَعمل في الوقت ذاته تفكيره في كيفية التعامل مع أي خطر محتمل.. إنه الخوف الذي يؤدي إلى التخطيط لمواجهة الأذى أو ذاك الذي يسميه علماء الإدارة اليوم بإدارة الأزمات، أي اتخاذ كل ما يلزم لاحتواء الخطر إن وقع وكيفية التعامل معه. لا أدعوك إلى عدم الخوف من البحر مثلاً، ولكن لابد أن تخاف منه حتى لو كنت من أمهر السباحين والغواصين والعارفين بالبحر.. أن تخاف منه يعني أن تحتاط لنفسك وتتخذ جميع الإجراءات اللازمة التي قد تحتاجها وقت المصيبة في البحر، لا قدَّر الله. إن خوفك من البحر هو الذي يدفعك إلى اتخاذ إجراءات السلامة، والعكس من دون شك سيؤدي إلى الهلاك. بالمثل لابد أن يكون عندك حس الخوف والحذر مع جميع مفردات هذه الحياة وفي كل جوانبها. الخوف هو الذي يدفعنا إلى التدبر والتفكر في هذه الحياة وكيفية استثمارها على الوجه الأمثل، والخوف من الله جل وعلا هو الذي يضبط أعصابنا من التهور وإيقاع الظلم بالآخرين ولأن هذا النوع من الخوف الإيجابي يختفي من حياة كثيرين، تجد حولك هنا وهناك، ظلمة ومجرمين وسفاكي ومصاصي الدماء، وما أكثرهم إن كنت من العادّين الحاسبين.