02 أكتوبر 2025

تسجيل

بين مجلس الأمن في الإدانة.. وخيار الجزار في الانتصار!!

22 أبريل 2013

في أواخر الأسبوع الماضي أقر مجلس الأمن بالإجماع إدانة النظام السوري والمعارضة باقتراف انتهاكات واضحة لحقوق الإنسان في سورية،ومع أن هذا القرار جاء متأخراً جداً بعد أن دخلت المأساة عامها الثالث بسبب ما يذكر عن الانقسام البارز في المجتمع الدولي على الأقل ظاهريا بين دول الغرب وعلى رأسها أمريكا من جهة وبين روسيا والصين اللتين رفعتا الفيتو المزدوج ضد إدانة الرئيس والحكومة السورية من العنف الفظيع الممارس ضد الشعب السوري بكافة أشكاله من جهة أخرى ولعل موقف المجلس الجديد لم يأت عن عبث بل جاء القرار نتيجة الانتصارات اللحظية التي يحرزها الجيش الحر على طول سورية وعرضها في الغالب والذي جعل الموقف يتعدل مبدئيا للدخول في سيناريو الحل السلمي الذي يمكن أن يتحرك طالما أن المجلس أدان الحكومة علنا، فقد تقوم المعارضة وتؤيد هذه الإدانة ليجلس الطرفان على مائدة الحوار والتسوية أو المفاوضة على نقل للسلطة بمرحلة انتقالية يديرها المتصارعان ويكون الجزار القاتل جزءاً مهماً فيها إرضاء للموقف الروسي والصيني ومن يجر ذنبه خلفهما سيما أن مجلس الأمن هذا بل مجلس الخوف قد اتهم المعارضة كما اتهم النظام فكلاهما منتهكان لحقوق الإنسان ولابد أن يسيرا معا لإيقاف العنف الذي يدمر العباد والبلاد وكأن تاريخ هذا المجلس يشفع له أنه يعمل دوما على نشر السلم الأهلي والإقليمي والدولي في العالم كما كان حال وضعه ويكون في فلسطين والعراق ومالي مؤخرا، ومع أن نية أصحاب القرار في المجلس هي استمرار التخريب الرهيب في سورية كما ظهر للدنيا في العامين الماضيين إلا أنه ذراً للرماد في العيون وتخلصا من الموقف اللاأخلاقي الفظيع الذي لعب فيه راقصا على دماء السوريين وتاريخهم العريق كان لابد له ولو سياسيا وإعلاميا أن يخرج بهذا الشكل، وإنه كي يعيد الكرة في مرمى المعارضة وأنها تقترف الانتهاكات وكيلا تتفاعل معه أبدا لأن الجميع في العالم بات متأكدا أنه حتى لو حدثت بعض الانتهاكات الفردية التي لا تشكل أي ظاهرة إذا قيست بانتهاكات النظام إلا أن الإخراج لابد أن يكون من قبله كذلك لأنه يعرف الجواب وينجح حيلته الماكرة من جهة حتى لا يتوقف نهر الدم عن الجريان، ومن جهة أخرى يحقق موقفا يدين فيه المعارضة بأنها ترفض دوما وفي هذا تأييد واضح للقاتل ضد الضحية، وبرهان ساطع أن هذا المجلس لن يكون مؤيدا إلا لموقف الصهاينة الذين لا يريدون النظام السوري خارج الملعب والحلبة مهما اعتدى وانتهك وهو الموقف نفسه الذي تنحاز إليه إيران والعراق وحزب الله الإرهابي اصطفافاً خلف روسيا والصين وبذل المستحيل كيلا ينعم الشعب المصابر بالحرية والكرامة مقررا مصيره بنفسه مؤكدا أنه لا يمكن لأقلية من أسرة مستبدة مجرمة أن تستلب الوطن والمواطن عقودا من الزمن، ومن ناحية أخرى فإن مجلس الأمن يريد أن يمهد لاتفاقية كاتفاقية دايتون في البوسنة بعد تفوق جيش التحرير البوسني على الصرب والكروات والخشية أن يبقى سيد الموقف في البلاد، وهكذا فإن جميع أحابيلهم إنما تقوم على نصرة الظالم وقمع المظلوم مهما ادعوا فإن الحقيقة تكشف السراب دوما وتفضح ثوب الزور، وإنه بعد أن بلغ المجرمون في دمشق كل هذا الاستبداد الذي اختزنوه حيال الشعب وفرضوه عليه ونشروا الجو الرعيب في الداخل بمآس لا يعرف التاريخ لها مثيلا وفي الخارج حيث غدا السوريون مشردين بائسين، ليس لهم إلا الله تعالى وأهل الإحسان بعد أن صب ما يسمى بالمجتمع الدولي عليهم سوط عذاب ولم يعرف أي إنسانية حقة تجاههم، إلا فتات الفتات ليزعم أنه يخفف عنهم ما استطاع وليستمر في التنويم المغناطيسي لهم ليصيروا بين متبلد ومتعود على حد زعمه، وهكذا يحيا أهل سورية بين مستبد يستعمل سلاحه الاستبداد قولا وفعلا وحالا وتصرفا فيقتل ويجرح ويعتدي على الحرمات جهارا نهارا وفي السجون من تعذيب واعتداء على النساء، بما تشيب له الولدان وتشريد في الأرض ليعطيهم دروسا ألا يخرجوا على السيد فهم عبيد وعليهم أن يعتبروا كل هذا مستحقا عليهم وليس انتهاكات صارخة لإنسانيتهم وحريتهم وحقوقهم ولا قضاء نزيه ينصفهم من الجلاد الذي أصبح هو القاضي وبين شرعية دولية كما يدعون لا تفعل غير الضرر للمظلومين بدل حمايتهم وها هو الإعلان العالمي لحقوق الإنسان منذ عام 1948 وها هو إعلان حقوق الطفل منذ عام 1959 وما يتشدقون به من نصر للحقوق في عصرنا هذا وإنما هو في الحقيقة خنق لها ودوس على رقابها، وإن كل هذا يحدث وحتى باستعمال السلاح الكيماوي الذي ثبت باليقين استخدامه في حلب وحمص ودمشق، ولكن ما أكثر الادعاء والأدعياء وما أقل الوفاء، وكم يشير تقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة إلى انتهاكات شنيعة ترقى إلى جرائم حرب ضد الإنسانية، وكم يكرر هذا مجلس حقوق الإنسان في الجمعية العمومية والتابع للأمم المتحدة دون جدوى إلا الكلام الفارغ والتوصيات الباردة للحكومة السورية التي تعتبر أنها تواجه الإرهابيين دون مراعاة لحق الحياة حتى للطفل والمرأة فكيف بحقوق التعبير ورأي الضمير إنه انتهاك للحق القانوني بما يندى له جبين الإنسانية، ومع كل ذلك فلا محاسبة لهذا الجزار وعصابته طبعا لأنها إنما تعني محاسبتهم حقا وهم ضد العدالة في معظم الأحوال واستبدادهم جميعا معزز بكل أنواع القسوة التي لا ترحم الضعفاء الذين هم سبب البلاء ولو لم يثوروا ما سحقهم الأقوياء وسلخوا جلودهم وهم أحياء من الرجال والنساء وإننا نقول لمجلس الأمن والمتاجرين بدمائنا: إن الشعب السوري أسد حقيقي ولن يكون إلا  وثابا مهما جرى عليه وأنه صاحب خيار الانتصار لا ما ادعاه الجزار في حديثه الثرثار، فإن المظلوم اليوم امتشق سيفه ولن يرجع حتى يمحو ليل الظالمين بإذن الله.