19 سبتمبر 2025

تسجيل

نعم للحريات الأربع... إذا!؟

22 مارس 2012

الشعب السوداني يريد السلام ويؤيده ويريد الاستقرار ويسعى له ويرغب في تحقيق علاقات جوار حسنة مع كل الشعوب التي تشاركه الحدود وفي مقدمتهم شعب السودان الجنوبي، بل من باب أولى.. لأن تركيبته الإثنية وتاريخه الضارب في عمق التاريخ يقول بذلك وتكوينه المتنوع من مئات القبائل منذ ما قبل الميلاد يفيد بأنه بلد(فيل) وبوسعه استيعاب كل من يسعى إليه ويتقبل الضيوف القادمين من الجوار.. الغريب والبعيد ولكنه في ذات الوقت لا يقبل مقابلة ذلك الأريحية وحسن الضيافة بالجحود والنكران وافتراء الأكاذيب وهو الأسلوب الذي أراد الغرب الاستعماري استخدامه لدق إسفين الخصام بين الشمال والجنوب طيلة ما يقارب المائة عام منذ أن فكرت إنجلترا إرسال جيش من المرتزقة الأسبان واليونان ودول البحر المتوسط لقهر ثورة المهدي التي أدت إلى هلاك غردون وطرد المستعمر من أرض السودان.. وانطلاقاً من هذه الحقيقة المتأصلة في وجدان أهل السودان نقول إننا لا نرفض تسوية القضايا العالقة المتبقية من اتفاقية السلام الشامل وقد وفينا بكل الالتزامات الأساسية التي وردت في قلب نصوص الاتفاقية..وهي قضية عظيمة أردنا بها مقايضة الحرب واستنزاف قدرات بلادنا بالسلام والتنمية والاستقرار كهدف سام لكل وطني ينظر بموضوعية ووطنية وعقلانية للأمور..خاصة مستقبل البلاد والأجيال وتردي أحوال المعيشة في كل مناحي الحياة ونواحي البلاد بسبب تلك الحرب اللعينة التي ظل الغرب يشنها علينا حتى لا تلتفت الحكومات الوطنية على اختلاف تكويناتها شمولية أو تعددية إلى التنمية واستخراج خيرات الأرض التي حباها الله لهذه البلاد منذ الأزل وجعلها قبلة لكل أشكال الهجرات من أنحاء القارة والقارات الأخرى، السودان لم يكن بادئاً برفع السلاح في وجه الجنوب أو أي جهة أخرى وإنما كانت البداية باستمرار من صنع الغربيين الذين يدركون حقيقة الموارد في هذا البلد. اتفاق الوفد السوداني الذي أبرمه مع وفد الحركة الشعبية ليس أمرا منكراً وأي اتفاق يمكن أن يجنب بلادنا العودة إلى الحرب التي ظللنا نخوضها منذ ستين عاماً هو أمر مطلوب، والاتفاق الإطاري هذا مقدمة لاتفاق شامل يضع النقاط على تلك الأحرف الأولى العامة وغير المفصلة.. ولن توضع النقاط على حروف مبهمة لا تؤدي ولا تحقق أهدافنا ولا تحافظ على حقوقنا الجغرافية والتاريخية وسيادتنا الوطنية، ولهذا فإن أي إخلال في اتجاه مسار الاتفاق نحو حماية حدودنا ونفاذ سياستنا وسيادتنا الوطنية سوف يمحو تلك الأحرف ولن نضع عليها النقاط لكي تكون جملاً مفيدة.. فأبيي سودانية وتقع داخل حدودنا الوطنية.. البترول ينطبق علينا ما يسير عليه العالم وهي حقوق لا يستطيع مكابر أن ينكرها أو يتنكر لها..الحريات الأربع هي تنازل متبادل تقدمها الدول لشعوب دول أخرى بالرضا والاتفاق وليس شرطاً يفرض أو مطلباً من جانب واحد.. فإذا كانت تعود بالفائدة للشعبيين وأصبحت مطلباً لجماهير الدولتين.. فهناك بنود اتفاق وضمانات وتسهيلات متفق عليها.. ولا تقبل الإخلال بها من أي طرف دون الآخر وهي اتفاقيات قابلة للإلغاء والإبقاء.. وهذا النوع من الاتفاقيات تجري بين بلدين أو حكومتين بينهم صلات وعلاقات حسنة وتتم في ظل أجواء أخوية وودية ويتولاها أناس مقبولون من كلا الطرفين، وليس أولئك الذين مازالوا يسعون لإلحاق الأذى بدولتنا بتحريض أمريكا وإسرائيل.. ولا تكون مقبولة من أناس رسموا لأنفسهم صورة ذهنية سيئة وحاقدة ضد دولة أخرى مهما سعوا لتغطية تلك الصورة وإبعاد آثارها من ذاكرة ومخيلة الشعب ولهذا فإن شخصاً مثل باقان أو عرمان غير جدير بقيادة اتفاقية كهذه وينبغي على وفدنا رفض التفاوض معه ابتداء.. وعلى حكومة سلفا تغييره بآخر أكثر منه جدارة لقيادة مفاوضات كهذه.. والرأي عندي ألا يلبي السيد رئيس الجمهورية دعوة يحملها أكثر إنسان يحمل أحقادا سوداء ضد السودان. رأيي كمحلل سياسي ألا يقبل السيد الرئيس الدعوة لزيارة جوبا لأنه زارها من قبل وبارك لهم نتيجة الاستفتاء وقيام الدولة الجديدة فكان الرد هو تبني حركات دارفور المسلحة وإشعال النيران في جبال النوبة والنيل الأزرق وتحريض أمريكا بعدم رفع الحصار وإعفاء الديون وبث الأكاذيب وتضليل الرأي العام العالمي ضدنا وكان سلفاكير رأس الرمح في كل ذلك وتصريحاته مدونة ومسجلة.. وحديثهم عن الجنائية ضد الرئيس ووزير الدفاع ماثلة.. فلماذا نذهب إليهم هناك في بلد لا يتوفر فيه الأمن.. ولا حسن النية ولا الكلمة الطيبة.. وإذا كان لابد من لقاء فليكن في أديس أبابا أو الخرطوم حتى ولو زارها سلفا مائة مرة فهذا هو الوطن الأم والأكبر إذا كان هناك تقدير لديهم لذلك.. وتقديري الخاص أن هؤلاء القوم لا يحفظون العهود ولا أثق في أحاديثهم وتصريحاتهم ولا أثق بهم طالما أن إسرائيل موجودة بكل أحقادها معهم.