10 سبتمبر 2025
تسجيلفي هذه الأيام من شهر فبراير وبالتحديد 27 فبراير من عام 2011 رحل عن هذه الدنيا أحد صُنَّاع الحياة في الأمة التركية الحديثة وأبرز شخصياتها المؤثرة الحية، ومحيّ ومجدد معالمها الحضارية ذات الجذور العميقة، وأحد الأعلام الكبار في عالمنا الإسلامي، ومن رواد الحضارة الإنسانية. إنه نجم الدين أربكان رحمه الله، عاش التحدي بصبر وثبات مع الظلم وظلمات العلمانية التركية، التي أخرت تركيا لسنوات طوال عن التقدم والنهضة الشاملة ومنافسة الكبار، وذاق طعم التفوق الدراسي فأنهى دراسته الثانوية، فكان نجماً بتفوقه، والتحق بكلية الهندسة الميكانيكية بجامعة إسطنبول، فأنهى مرحلته الجامعية فكان نجماً بتميزه، فتم تعيينه معيداً في نفس الكلية، وإرساله إلى بعثة دراسية إلى ألمانيا فنال شهادة الدكتوراه من جامعة آخن في هندسة المحركات فكان في تخصصه نجماً رحمه الله. عاش نجم الدين أربكان رحمه الله مع السجن ومع النفي والمنع والإقصاء والتهميش، فكان في كل مرحلة من هذه المراحل نجماً، فلم يأت عليه اليأس والتقاعس والانطواء والابتعاد والانتظار الطويل، بل ولم يرض بالواقع المحيط به من كل الاتجاهات ولا بالأعاصير التي أحاطت به، بل ظل يعمل ويواصل العمل بهمة عالية لخدمة تركيا ومجتمعه وأمته وإعادة الهوية التركية التاريخية ذات الحضارة التي لا تُنسى، وكلما وضع له ومن معه حفراً، يتجاوز كل هذه الحفر بعزيمة وقوة وحُسن تدبير وتفكير وفقه الدور والتدبير المدرك لفقه التبعات، وهو الفن الغائب في حاضر عصرنا، "تريدون مني أن أقعد في المسجد وتعلّمون ولدي كراهية الإسلام في المدرسة، ليعود ولدي ويهدم المسجد فوق رأسي". رحل نجم الدين أربكان رحمه الله تاركاً وراءه تاريخاً سياسياً وحراكاً فاعلاً في تركيا، وأعمالاً وإسهامات في المجال الاقتصادي والصناعي والنهضوي والعملي، وكذلك في خدمة الإسلام والمسلمين يُنتفع بها، فالأفكار والأعمال والمشاريع الناهضة "لا تقوم إلاّ على عواتق الكبار"، "إن أمتنا هي أمة الإيمان والإسلام، ولقد حاول الماسونيون والشيوعيون بأعمالهم المتواصلة أن يُخربوا هذه الأمة ويفسدوها، ولقد نجحوا في ذلك إلى حد بعيد، فالتوجيه والإعلام بأيديهم، والتجارة بأيديهم، والاقتصاد تحت سيطرتهم، وأمام هذا الطوفان، فليس أمامنا إلاّ العمل معاً يداً واحدة، وقلباً واحداً، حتى نستطيع أن نعيد تركيا إلى سيرتها الأولى، ونصل تاريخنا المجيد بحاضرنا الذي نريده مشرقاً"، هكذا هم صُنَّاع الحياة في مساحات الحياة. "ومضة" لم تغب عن البروفيسور الرائد القائد نجم الدين أربكان رحمه الله فلسطين والقدس الشريف، فكان محامي فلسطين في تركيا، فهو يعلم رحمه الله أنها وقف إسلامي لكل المسلمين لا يمكن التفريط فيها، "إن فلسطين ليست للفلسطينيين وحدهم، ولا للعرب وحدهم، وإنما للمسلمين جميعاً"، فرحمك الله أيها النجم. [email protected]