16 سبتمبر 2025

تسجيل

مؤتمر ميونخ حبر على ورق؟

22 فبراير 2016

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); على مدار خمس سنوات مضت اتسمت السياسة الأمريكية خاصة والغربية عامة بخصوص الثورة السورية بالتخبط والتسويف والقرارات والتوصيات المعطلة والتصريحات المتناقضة الجوفاء التي لا تسمن ولا تغني من جوع وكان آخر هذه المواقف ما جاء في مؤتمر ميونيخ في دورته الثانية والخمسين المنعقدة في الثاني عشر من الشهر الجاري فقد نجحت روسيا في جعل موضوع الإرهاب موضوعا رئيسيا للمؤتمر ونجحت في حصر الإرهاب في داعش وحدها مستثنية نظام الأسد الذي تسبب في كل هذا الدمار والقتل والخراب ولم ينجح المؤتمر لا في وقف القتال ولا في إيصال المساعدات كما اتفق عليه بين القوتين الأعظم الولايات المتحدة وروسيا فبعد مرور أكثر من عشرة أيام على المؤتمر يبدو أن حصيلته ليست إلا حبرا على ورق كما قال كيري عندما عبر عن آماله في تنفيذ وقف الأعمال العدائية وهذا ما اعترف به يوم الجمعة الماضي مارك تونر الناطق باسم الخارجية الأمريكية إذ أقر باستمرار القصف الروسي ورغم علم الولايات المتحدة بالتسويف الروسي وبمحاولته كسب الوقت كما قال كيري إلا أنها استمرت هي الأخرى في منح الغطاء الدولي وفي مساعدة كل من النظام السوري وروسيا وإيران في ضرب المدنيين والمعارضة السورية في حلب وإضافة إلى ذلك قال مارك تونر إن الولايات المتحدة بصدد تسليم خرائط مواقع المعارضة لروسيا. مؤتمر ميونيخ ليس إلا حلقة من حلقات التسويف الأمريكي الغربي واستهلاكا للوقت شأنه في ذلك شأن قرار مجلس الأمن الذي تضمن وقفا لإطلاق النار في سائر أنحاء سوريا متزامنا مع بدء المفاوضات اعتبارا من أول يناير الماضي وكذلك جنيف واحد واثنين وربما يكون جنيف 3 على نفس الشاكلة فليس ثمة آليات تضمن تنفيذ قرار وقف الأعمال العدائية أو وقف إطلاق النار واتضح في الأيام القليلة الماضية أنه لم يكن موجها إلى الجلاد بل كان موجها إلى الضحية وهما هنا الشعب السوري والمعارضة التي طلب منها أن تتوقف عن الدفاع عن نفسها وبتواطؤ مع روسيا والنظام السوري رفعت الولايات المتحدة الدعم عن المعارضة المعتدلة فهي لا تريد لهذه المعارضة أن تقاتل النظام وحلفاءه وإنما داعش فقط وإلا اعتبر أفرادها متمردين وكما قالت صحيفة الإندبندنت البريطانية قبل أسبوع فقد اختار أوباما أن يترك النظام السوري والطيران الروسي يدكان المعارضة السورية في حلب دون شفقة أو رحمة فلا حل لديه إلا الحل السياسي ولا حل لدى روسيا إلا الحل العسكري وبعد أكثر من أسبوع على اجتماع ميونيخ لا تزال قوات النظام وحلفاؤها الإيرانيون وحزب الله والطيران الروسي يقصفون ويهاجمون حلب وريفها ويتقدمون شمالا صوب الحدود التركية رافضين على أرض الواقع وقف إطلاق النار واضعين المعارضة أمام خيارين لا ثالث لهما فإما أن تقبل بالحل السياسي كما يراه النظام السوري وروسيا وتذهب صاغرة إلى جنيف 3 وإما أن يتعرض ما تبقى منها للقتل والتشريد وقد قال الأسد لوكالة فرانس برس "لا بد من مسارين في سوريا أولاً التفاوض وثانياً ضرب الإرهابيين والمسار الأول منفصل عن المسار الثاني" أي أن توصية مؤتمر ميونخ بخصوص وقف الأعمال العدائية لا تساوي الحبر الذي كتبت به فالمطلوب أن تتوقف المعارضة عن الدفاع عن نفسها لا أن يتوقف النظام وحلفاؤه عن القصف وإطلاق النار فالنظام له الشرعية وما سواه فاقد لها. تواصل الأعمال الحربية وقصف المعارضة وتواصل دعم كل الأطراف الأخرى أي روسيا والنظام السوري وإيران وإسرائيل والولايات المتحدة للحزب الديمقراطي الكردي السوري ووحدات حماية الشعب وجيش الثوار المتحالفين في إطار ما يسمى " قوات سوريا الديمقراطية " لم يترك للحكومة التركية إلا أن تتدخل للدفاع عن نفسها ولمواجهة الخطر الكردي الذي بات يهدد وحدتها وأمنها خاصة بعد تفجير أنقرة الذي نفذته وحدات حماية الشعب وقد اعترف مارك تونر النـاطق باسم الخارجية الأمريكية يوم الجمعة الماضي أن الولايات المتحدة والنظام السوري يدعمان الأكراد كما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز صراحة أن الولايات المتحدة حليف قوي للحزب الديمقراطي الكردي السوري الموجه من البي كيه كيه ولذلك ليس مستغربا القول بأن هذه الأطراف جميعا مدت هذه الوحدات بكل ما يلزمها لتتقدم بغطاء جوي روسي نحو الحدود التركية للاستيلاء على مزيد من الأراضي التي تسيطر عليها فصائل المعارضة المدعومة من تركيا على طريق تأسيس شريط حدودي كردي يهدد وحدة وسلامة الأراضي التركية وقد نجحت الميليشيات الكردية بالفعل في التقدم وقطعت طريق الإمداد التركي في اتجاه حلب واستولت على تل رفعت ومطار وبلدة منغ وبلدة مارع رغم القصف التركي المدفعي في محيط أعزاز مما وضع الحكومة التركية أمام خيارات صعبة من بينها ضرورة توحيد المعارضة السورية سياسيا وعسكريا وتجاوز السقف الأمريكي بمدها بأسلحة نوعية وصواريخ مضادة للدروع والطائرات لدعم صمودها. وإذا كان مؤتمر ميونخ قد نجح في إيصال النزر اليسير من المساعدات الإنسانية ـ التي أفلتت من تجار الشبيحة ولجان النظام والسراق ــ إلى بعض المدن والقرى المحاصرة فقد أخفق في وقف العدوان على المعارضة والمدنيين السوريين كما أكد وجهة النظر الروسية القائلة بشرعية النظام السوري وبضرورة تشكيل تحالف دولي لمواجهة داعش فقط فغياب المشروع العربي الإسلامي طيلة السنوات الخمس الماضية مكن مشاريع الغير من التقدم على حسابنا جميعا وهو ما جعل قرارات جميع المؤتمرات المتعلقة بالأزمة السورية حبرا على ورق لا ينفذ منها إلا ما يخدم أجندات هذه المشاريع.