18 سبتمبر 2025

تسجيل

الثقافة والأوليات الأخرى

22 فبراير 2015

بالطبع لم تعد الثقافة من الأولويات كما كانت حين كانت تتصدر الصحف اليومية والمجلات، بل إن الصحف والمطبوعات كانت في بداية تاريخ ظهورها هي مطبوعات ثقافية أدبية بحتة ثم انفتحت شيئا فشيئا على المنوعات والأخبار والسياسة والرياضة والصحة والاقتصاد، وشيئا فشيئا تقلصت الصفحات الثقافية واقتصرت على بعض الأخبار الآنية وبعض المقالات التي لا تتجاوز مقالا واحدا في اليوم وفي المقابل نرى للاقتصاد والرياضة ملاحق يومية تصدر مع جميع الصحف بشكل يومي رغم أن عدد مثقفينا ربما يفوق عدد الرياضيين والاقتصاديين وحتى الفنانين وليس بالضرورة أن تكون هناك فعاليات وأنشطة ثقافية كي يستحق هذا المجال ملحقا خاصا به، فالثقافة فكر وتوجه وإحساس وهذه العناصر هي أساس التكوين الإنساني وبذلك هي أصل الحياة وحضورها دائم ومتجدد ولكن من يهتم؟ سؤال مؤلم ربما يبحث عن إجابته كل مثقف يختلي الآن بنفسه في زاوية كئيبة وربما يدخن سيجارته ويكتب بمرارة عن عالم ما عادت تستهويه الكلمة ولم تعد تطربه القصائد وما عاد لديه الوقت ليدخل في نقاشات ثقافية حول مختلف الإصدارات والأعمال الفنية والأدبية وأتساءل، هل لدينا حقاً ملاحق ثقافية بالمعنى الدقيق لملحق ثقافي يحرص كبار المثقفين في الخارج قبل الداخل على قراءته، أو يكون لنا ملحق لمراجعة الكتب كما لصحيفة نيويورك تايمز الذي يكتب فيه كبار أساتذة الجامعات يراجعون الكتب الجديدة والأعمال الأدبية في مجالات تخصصهم ويدور الحوار والنقاش وحتى الجدال على صفحات تلك الملاحق ما يشجع حتى الشخص البسيط العادي على الدخول في هذا النقاش وما يستفز القارئ للبحث عن الكتاب وقراءته بعد كل ما قرأه عنه. من المؤلم أن يقول الإنسان الذي عاش مدة طويلة يتابع الصحافة العربية، إننا بنينا صحافتنا على الثقافة وبأقلام كبار الأدباء والمثقفين ووصلنا إلى زمن ما عاد للثقافة وجود في الصحافة اليومية إلا القليل النادر.إن الصحافة الثقافية تعاني من التراخي، مع الأسف، وقد احتلت وفق إحدى الدراسات المرتبة الخامسة بعد الصحافة الرياضية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية، رغم أنها صحافة فكر ورؤية وتحليل.إذا، ما سبب تراجع المادة الثقافية في التحرير الصحفي لجرائدنا العربية؟