10 سبتمبر 2025

تسجيل

فرنسا وألمانيا تعززان شراكتهما.. دعوة للتفاؤل في أوقات ملتبسة

22 يناير 2019

اليوم تحتفل فرنسا وألمانيا بلحظة تاريخية أخرى في صداقة دولتينا، في تاريخ ذكرى معاهدة الإليزيه لسنة 1963. يوقع الرئيس ماكرون والمستشارة ميركل على معاهدة جديدة وطموحة في مدينة آخن، بهدف الوصول بالتعاون الثنائي إلى مستوى غير مسبوق. هذه المعاهدة الجديدة دليل على قناعتنا المشتركة بأن التحديات القادمة في السياسة والاقتصاد والمسائل الأمنية لا يمكن معالجتها إلا بشكل مشترك. في هذه اللحظة المميزة جداً لدولتينا، يجدر بنا أن نتذكّر أنه بعد فترات من الصراع المرير، تمكنت فرنسا وألمانيا معا من إيجاد القوة وحسن البصيرة للمصالحة. تمكنت دولتانا من إعادة بناء الجسور والتواصل مع الآخر والمضي قدمًا. وحققت دولتانا هذا دون نسيان معاناتنا ودون التملص من أخطائنا ومسؤولياتنا ودون تفادي حقيقة التاريخ. إن عملية تطوير العلاقة الألمانية-الفرنسية من أفظع عداء الى أقرب صداقة خلال جيل واحد، هي في حد ذاتها إنجاز لا مثيل له. هذا الإنجاز الكبير اختتم بمعاهدة الإليزيه التي وقعها في 22 يناير 1963 في باريس كل من الرئيس شارل ديغول والمستشار كونراد أديناور. وكان النجاح البارز لمعاهدة الإليزيه لعام 1963 نابعا من تركيزه على التطلع الى اللقاءات والتبادلات بين شعبينا، على وجه الخصوص على مستوى المجتمع المدني والشباب. ومن خلال الحوار واللقاءات، ظهر التفاهم والشعور بالتكافل الذي يحافظ اليوم على العلاقات الألمانية-الفرنسية الوثيقة والودية. هذا النجاح لم يكن فقط لفرنسا وألمانيا وحدهما. كان، ولا يزال إلى حد كبير، من أجل بناء أوروبا أقوى ومفتوحة لمصلحة العالم بأسره. كان ديغول وأديناور يعرفان أنه من خلال تشكيل المسار المستقبلي للعلاقات الفرنسية - الألمانية، كانا يشكلان أيضا الكيان الأوروبي. قال أديناور في عام 1963« لولا معاهدة الإليزيه، لما كان هناك اتحاد في أوروبا»، مستحضرا هذه الكلمات، أشار الرئيس ماكرون في البرلمان الألماني في نوفمبر 2018 أن الزوج الفرنسي-الألماني ملزما بتوجيه أوروبا على طريق السلام. من خلال معاهدة آخن، ستتعاون فرنسا وألمانيا بشكل أوثق. ونحن نعتمد على قصص نجاح مثل القيادة الفرنسية-الألمانية لتطوير ايرباص لتصبح الشركة الرائدة في مجال الطائرات المدنية والعسكرية، ونضاعف جهودنا، على سبيل المثال من خلال إنشاء مجلس الدفاع والأمن الألماني-الفرنسي، بهدف تعزيز قدراتنا في المستقبل. وفي الوقت نفسه، نحن ندرك أنه ليس في وسعنا سوى السيطرة على التحديات العالمية اليوم من خلال العمل المشترك. لذلك، فإن التعاون الفرنسي-الألماني لا يهدف أبداً إلى اقصاء الآخرين، بل يبقى دائماً منفتحا على الدول الأخرى لتوحيد القوى. إن صداقتنا وحيوية علاقتنا قد خدمتا بالفعل قضية أوروبا من أجل جعلها أكثر اتحادا وتكاملا وفي ذات الوقت، حملتا أيضًا رسالة للعالم، نحن نأمل أن تكون السابقة التي صنعتها دولتانا بمثابة نواة لتعاون أعمق مع دول أخرى، مثل دولة قطر. انّ تعزيز العلاقات الوثيقة والصديقة بين قطر من جهة وفرنسا وألمانيا من جهة أخرى في مجموعة واسعة من المجالات قد ساهم في تمهيد الطريق أمام الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لتوطيد علاقاتهم بقطر. بالتالي فانّ القيادة الفرنسية-الألمانية دائما موجودة بهدف أن تكون مفيدة ليس فقط لبلدينا بل إلى ما هو أبعد. ونهجنا المشترك تجاه أزمة الخليج، على سبيل المثال، قد صقل دعوة الاتحاد الأوروبي إلى حل سلمي للصراع ودعم جهود الوساطة التي قام بها صاحب السمو أمير الكويت. منذ التوقيع على معاهدة الإليزيه، وبشكل مستمر، التزمت بلدانا ليس فقط بالحفاظ على تكامل الاتحاد الأوروبي والارتقاء به، بل أيضا بتعزيز رؤية للنظام الدولي متأصلة في الدروس التي استخلصتها أوروبا من الماضي، ألا وهي احترام القانون الدولي والتعددية وحل الخلافات من خلال الحوار، والبحث عن المصالح المشتركة من خلال الإدماج والتعاون. في وقت ينزلق فيه العالم إلى الفوضى، عندما يتم رفض التحديات العالمية مثل تغير المناخ، وعندما يتم الترويج للمصالح الذاتية من خلال استخدام القوة والوضع أمام الأمر الواقع، يجب على المرء أن يتذكر ما كانت عليه أوروبا قبل عام 1945 ومقارنته بما هي عليه اليوم، على حد سواء بمثابة دعوة للاستيقاظ وكمصدر للتفاؤل. لا يوجد في العالم منطقة أكثر سلاما وازدهارا وتكاملا من الاتحاد الأوروبي اليوم. لذلك دعونا نفتخر بما أنجزناه وننظر إلى المستقبل بيقظة وحذر، ولكن أيضا بتفاؤل. دعونا نأمل أنه خلال هذه السنة، سينتصر البحث عن حلول من خلال الحوار والتعاون.