29 أكتوبر 2025
تسجيلفي مثل هذا الأسبوع من العام الماضي، كانت أسعار النفط تنزلق إلى أدنى مستوى لها منذ سنوات طويلة، عندما انخفض سعر نفط الأوبك إلى مستوى 22.48 دولار للبرميل. وكانت بعض التوقعات تذهب إلى أبعد من ذلك عندما تحدثت عن انخفاض محتمل للأسعار إلى مستوى 15 دولارا للبرميل. ولكن الأمور سارت على نحو مختلف وسرعان ما عادت إلى الارتفاع في بقية عام 2016، لتصل إلى مستوى 51.45 دولار للبرميل، أي إلى أكثر من ضعف الحد الأدنى الذي وصلت إليه في الأسبوع الثالث من يناير 2016 . وقد تحقق هذا الارتفاع المهم بفضل من الله أولاً، ثم بجهود المنظمة التي كانت ترأسها قطر ممثلة في وزير الطاقة والصناعة ثانياً. فمن خلال تلك الجهود تمكن منتجو النفط في العالم داخل الأوبك وخارجها من الخروج باتفاق يقضي بخفض إنتاجهم بنسبة 3%، وكان ذلك أول اتفاق من نوعه منذ ثلاثين عاماً أو أكثر. وقد قلت في مقال سابق إن سعر نفط الأوبك سيظل في حدود 55 دولاراً للبرميل لسببين: الأول أن الأسواق ستنتظر صدور بيانات عن المعروض من النفط في شهر فبراير القادم لتحكم على مدى التزام المنتجين بقرارهم، والثاني أن أي ارتفاع في الأسعار عن مستوى 55 دولاراً للبرميل سوف يُعيد منتجي النفط الصخري بعد أن انخفض إنتاجهم بشدة في النصف الأول من عام 2016. وتشير البيانات الواردة في نشرة الأوبك الأخيرة إلى أن إنتاج الولايات المتحدة من النفط قد انخفض من مستوى 14.04 مليون ب/ي في متوسط عام 2015 إلى مستوى 13.42 مليون ب/ي في الربع الثالث من عام 2016، ولكنه عاد إلى الارتفاع في الربع الرابع إلى مستوى 13.60 دولار. وهذا التحسن الأخير قد حدث نتيجة عودة أسعار النفط إلى الارتفاع في الربع الرابع.ومن جهة أخرى، نجد أن بيانات إنتاج الأوبك من النفط قد أظهرت تراجع إنتاج دول المنظمة في شهر ديسمبر بنحو 220.9 ألف ب/ي عما كان عليه الحال في شهر نوفمبر، بحيث وصل إلى مستوى 33.08 مليون ب/ي. وهذا الانخفاض الذي حدث قبل سريان خفض الإنتاج بموجب الاتفاق المعلن عنه في شهر يناير، قد ساعد على ارتفاع الأسعار.الجدير بالذكر أن انخفاض الإنتاج في شهر ديسمبر قد نتج عن انخفاض إنتاج السعودية بنحو 149.3 ألف ب/ي، وإنتاج نيجيريا بنحو 113 ألف ب/ي، وإنتاج فنزويلا بنحو 45.2 ألف ب/ي في الوقت الذي ارتفع فيه إنتاج العراق وليبيا وأنجولا وإيران بمعدلات أقل.وفي جانب الطلب العالمي على النفط، نجد أن منظمة الأوبك تقدر بأن يرتفع الطلب في عام 2017 بنحو 1.2 مليون ب/ي إلى مستوى 95.6 مليون ب/ي. وبالنظر إلى أن إنتاج النفط من الدول خارج الأوبك سيزيد بنحو 0.2 مليون ب/ي، وإلى أن إنتاج سوائل الغاز من الأوبك سيزيد ينحو 0.1 مليون ب/ي، لذا فإن المنظمة تقدر في تقريرها زيادة الطلب على نفط الأوبك في عام 2017 بنحو 0.9 مليون ب/ي.والخلاصة أن أسعار النفط ستقع في عام 2017 تحت تأثير عدة عوامل بعضها إيجابي يتمثل في زيادة الطلب العالمي تدريجيا من ناحية، وانخفاض المعروض بموجب الاتفاق المعلن من المنتجين بنسبة 3% من ناحية أخرى. وفي المقابل، فإن هاك عوامل سلبية تعمل في اتجاه الضغط على الأسعار ومنها: عودة إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة، ودول الأمريكيتين، إلى الارتفاع مع أي ارتفاع في أسعار النفط، كما أن عدم التزام بعض الدول المنتجة بالاتفاق ومنها العراق وإيران وليبيا، سوف يضعف من ارتفاع الأسعار.وعليه.. فإن الأسعار ستظل تتأرجح غالبا بين 50- 55 دولاراً للبرميل خلال الأسابيع القادمة لحين صدور بيانات جديدة عن مستويات الطلب على النفط، والمعروض منه في الأسواق العالمية.