12 أكتوبر 2025

تسجيل

حتى لا تعصف بنا العاصفة

22 يناير 2014

نهتم بمظهرنا كثيراً حينما نذهب لمقابلة لأجل الحصول على وظيفة، أو نجهز للإعداد المسبق الأكاديمي والمعرفي لأداء امتحان للحصول على مقعد بالجامعة، فنجد معظم الناس في اطلاع مستمر وبحث في الكتب والمراجع لاجتياز هذه الخطوة حتى لا نفقد الفرصة وتعصف بنا العاصفة بعيداً، أيضاً نتزود بالزاد والعتاد للتجهيز لرحلة برية أو لسفرٍ طويل يمكث أياماً عديدة، وإذا أردنا أن نزور شخصاً لبسنا أجمل الثياب وتطيبنا بأحلى العطور لهذه الزيارة، هذا هو سر النجاح، فسر النجاح في الحياة أن تواجه مصاعبها كما يواجه الطير ثورة العاصفة.إذن لنعد العدة لبلوغ القمة والتربع عليها مهما كلفنا، فالحشرة قد تلسع جواداً أصيلاً، ولكن الحشرة تبقى حشرة، والجواد يبقى جواداً، ولتكن أنت في وادٍ لن تضل فيه، وما نلاحظه عندما نتأخر عن الدوام ندخل برأسٍ منكوس وكلام مهموس حياءً من المدير، فهل نشعر بنفس هذا الشعور عندما نتأخر في الصلاة ونقف بين يدي الله؟ لذلك حتى نعش سعداء، لنربط حياتنا بأهداف وليس بأشخاص، وهنا تحضرني عبارة: أروع ما في السجود أنك تهمس في أذن الأرض فيسمعك من في السماء.وفي ذات السياق تحضرني قصة صاحب المزرعة الذي كان يريد عمالاً لمزرعته، وهي تقع بجوار شاطئ البحر، غير أنهم كانوا يرفضون العمل معه لخوفهم من العواصف وأن المزرعة بجوار الشاطئ، أخيرًا قابل صاحب المزرعة رجلاً قصيراً ضعيف البنية، متوسط العمر. فقال له المالك: هل أنت تملك مهارة يد عاملة جيدة في الزراعة؟ فأجاب الرجل النحيف: (نعم أنا الذي ينام عندما تعصف الرياح).ومع أنّ مالك المزرعة تحيّر من هذه الإجابة، إلا أنه قبل به واختاره بسبب يأسه عن وجود عمال يقبلون العمل في مزرعته. أخذ الرجل النحيف يعمل عملاً جيداً في المزرعة، وكان طيلة الوقت مشغولاً من الفجر وحتى غروب الشمس، وأحس المالك بالرضا عن عمله.وفي إحدى الليالي عصفت الرياح بشدة، من ناحية الشاطئ، فقفز المالك منزعجاً من فراشه، ثم أخذ بطارية واندفع بسرعة إلى الحجرة التي ينام فيها الرجل النحيف فوجده نائماً، ثمَّ بدأ يهز الرجل النحيف ويصرخ عليه :(استيقظ فهناك عاصفة آتية، قم وثبِّت كل شيء واربطه قبل أن تطيِّره الرياح)، استدار الرجل عن فراشه وقال بثقة: (لا يا سيِّدي فقد سبق وقلت لك أنا الذي ينام عندما تعصف الرياح). غضب صاحب المزرعة غضباً شديداً من ردة فعل الرجل، وخطر ببالهِ أن يقتله في تلك اللحظة، ولكنه بدلاً من أن يضيع الوقت خرج عاجلاً ليستعد لمجابهة العاصفة.غير أنه اندهش عندما اكتشف أنّ كل الحظائر مغطاة بمشمّعات، والبقر في الحظيرة، والطيور في أعشاشها، والأبواب عليها أسياخ حديدية وجميع النوافذ محكمة الإغلاق، وكل شيء مربوط جيداً ولا شيء يمكن أن يطير، وحينها فهم صاحب المزرعة ما كان يعنيهِ الرجل العامل لديه، وعاد إلى فراشه لينام، لقد تمكن هذا الأجير أن ينام لأنه عمل على تأمين المزرعة جيداً.والعبرة أننا يمكن أن نؤمِّن حياتنا ضد عواصف الحياة بربط أنفسنا بقوة بكلمة الله جل شأنه، فحينما نستعد جيداً فليس هناك ما نخشاه، ولننام حتى لو رياح الحياة تعصف من حولنا.