13 سبتمبر 2025
تسجيليرجح أن يصوّت الشعب المصري بـ"نعم" في الجولة الثانية من الاستفتاء على الدستور، استناداً إلى المؤشرات التي حملتها الجولة الأولى، ومن المرجح أن يدعو الرئيس مرسي إلى انتخابات تشريعية في غضون شهرين بعد نتائج الاستفتاء. السؤال المحوري هنا: هل ستبقى قوى المعارضة المنضوية تحت "الائتلاف الوطني" متماسكة بعد أن فشلت في الضغط على الرئيس مرسي بتأجيل الاستفتاء وإلغاء الجمعية التأسيسية وإعادة كتابة الدستور من جديد؟، إذ أن المعارضة الحالية تحتاج إلى تجميع قواها من جديد لمواجهة فئات تيار الإسلام السياسي المتعددة في الانتخابات التشريعية القادمة، وهذا يتطلب أكثر من مجرد تنسيق بين قواها السياسية،وصولاً إلى بلورة حزب سياسي، تندمج داخله جميع التيارات والأحزاب والشخصيات السياسية المشكلة للائتلاف إذا كانت المعارضة تطمح إلى كسب الجولة الثانية من المعركة مع الإسلام السياسي. تتشكل المعارضة الحالية من محمد البرادعي حامل جائزة نوبل، والمدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، وعمرو موسى الأمين العام للجامعة العربية سابقاً والذي شغل منصب وزير الخارجية لمصر في عهد حسني مبارك لسنين طويلة، والقيادي الناصري حمدين صباحي الذي حلّ ثالثا في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وجورج إسحاق مؤسس حركة كفاية. أما الأحزاب المنتمية إلى الائتلاف فأبرزها حزب الوفد، والحزب المصري الاجتماعي الديمقراطي وحزب المصريين الأحرار الذي أسسه الملياردير القبطي نجيب سويرس الذي كان إلى قبل سقوط مبارك بأيام يدافع عن نظامه ويتهم الثوار بالعمالة للخارج، وحركة 6 أبريل. وإذا ما استثنينا جورج إسحاق، وشباب حركة 6 أبريل، نرى أن جميع من في الائتلاف كانوا جزءاً من النظام القديم أو على اتصال به. فكيف يمكن الجمع بين كل هؤلاء على ما بينهم من اختلافات في التوجهات السياسية؟ ثم كيف يمكن الجمع بين عمرو موسى الذي شارك في أعمال اللجنة التأسيسية للدستور حتى منتصف نوفمبر الماضي، ومحمد البرادعي الذي رفض الاعتراف بشرعية المرحلة الانتقالية منذ مارس 2011. وعن أي اتهامات للإخوان والرئيس مرسي بالتحالف مع المجلس العسكري وفلول الحزب الوطني وبعضهم كان جزءاً لا يتجزأ من ذلك النظام؟! دون شك، الصراع الدائر حالياً هو بين تيار الإسلام السياسي بكل مكوناته وبين والتيارات الليبرالية واليسارية والقومية تحت شعار " الدولة المدنية " في مواجهة " الدولة الدينية "، وهي خصومة إيديولوجية أكثر منها سياسية. هذا الفرز الإيديولوجي هو ما جمع بين التكتلات العلمانية في مواجهة تكتل الإسلام السياسي الذي نحىّ جانبا خلافاته الفقهية لمواجهة ما هو أخطر برأيه. وفي اعتقادي، أن جماعة الإخوان المسلمين ومؤسسة الرئاسة وقعت في أخطاء عديدة منذ تصدرها المشهد السياسي إلا أن المعارضة التي تلقاها هي أكبر من حجم الأخطاء التي وقعت، وهو ما فاقم من حدة الصراع والتصلب بين الإسلاميين وخصومهم. والمراقب للمشهد المصري يدرك وجود حملة إعلامية تطال الإخوان والرئيس مرسي، وهذه الحملة ليست جديدة وإنما بدأت حتى قبل أن يرشح حزب الحرية والعدالة الرئيس مرسي لمنصب رئيس الجمهورية، وقد بلغت الحملة أقصاها خلال حرب غزة الأخيرة، ومن ثم الإعلان الدستوري الذي أثار سخط قطاعات عريضة في الشارع المصري، وحتى لا يكون الكلام مرسلا نستشهد بدراسة حديثة حول تحليل مضمون الخطاب لخمس عشرة قناة تلفزيونية خاصة في مصر بينت أنه من بين مائة ساعة حوارية تجرى يوميا فإن ما بين 6 و8٪ منها فقط مؤيد للرئيس مرسي، في حين ترتفع نسبة التأييد في القنوات الحكومية إلى ما بين 22 و32٪ فقط. بحسب ما ينقل الكاتب فهمي هويدي في مقاله الأخير: الصراع في زمن الفرجة. المعارضة مستفيدة من هذه الحملة الإعلامية إن لم تكن جزءاً منها، وقد نجحت في أن ترفع نسبة المعارضين للدستور في الجولة الأولى من الاستفتاء إلى 43 %، وهي نسبة مقلقة ومحرجة لتيار الإسلام السياسي نظراً لأن النسبة الواردة مرتبطة بموضوع يحتاج إلى شبه توافق وطني لأنه عقد اجتماعي بين الدولة والشعب وليس مجرد تسابق انتخابي بين أحزاب على برامج سياسية لقيادة الدولة خلال فترة زمنية محددة. وهذا لا يعني أن المعارضة قادرة على التوحد في الجولة الثانية في النزال، حيث تشير المعطيات الموضوعية أن مكونات الائتلاف موحدة ظرفياً، وسلطتها بعيدة، على ما يبدو، عن نبض الشارع الذي لبى دعوتها إلى التظاهر مؤخراً. وفي ظني أن أغلب من خرج للتظاهر ضد الرئيس مرسي ليس بالضرورة يشاطر المعارضة طروحاتها السياسية بقدر صخبه وغضبه من عدم تحسن أوضاعه المعيشية التي هي سبب أساسي في اندلاع الثورة.