19 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); قبل خمس سنوات تقريباً، وفي معرض الدوحة الدولي للكتاب، صادفت موقفا ترك بصمة مهمة في حياتي، لقد رأيت سيدة طاعنة في السن ومقعدة على كرسي متحرك تتصفح أحد الكتب بالجناح الذي أقف بداخله، لقد كانت متلهفة على اقتناء الكتب ! فاقتربت منها فضولاً لمعرفة من تلك المرأة، لقد كان بمعيتها عامل آسيوي يقود كرسيها المتحرك، وقد علق على ذراعي الكرسي أكياس مليئة بالكتب، فقلت لها سيدتي، هل ستقرأينها؟ أم تشتريها لغيرك ؟ نظرت إليّ باستغراب وقالت، هل أنت البائع؟ فقلت أنا كاتب سعودي وزائر، فقالت أنا أنتظر معرض الكتاب بفارغ الصبر، وأنا أحب القراءة منذ صغري، وأنا الآن مقعدة كما ترى، والكتب أشتريها بعد تخصيص ميزانية لها كل عام، لكي أقرأها طيلة العام، وهذا طبعا مع قراءة القرآن الكريم كل صباح، وأنا أخذت على نفسي عهدا أن أستمر بالقراءة حتى مع عدم استطاعتي المشي، فلقد أصبت بمرض بركبتي، وأجريت عملية ومازلت لا أستطيع المشي، وكل يوم أحضر هنا لأشتري الكتب مع السائق الذي هو بمثابة ابني.بصراحة شدتني السيدة، فتشرفت بإهدائها بعض مؤلفاتي، والغريب بالأمر أنها تقرأ، وكل أولادها لا يفعلون كما أخبرتني، وهي مثقفة جداً، ولمست ذلك بعد أن حاورتها، فقد سألتني عدة أسئلة عن مسيرتي الثقافية، وهي أم لعدد كبير من الأبناء والأحفاد، ومن قبائل قطر الكرام.سادتي ! القراءة للجميع، وهي باب العلم والمعرفة، ففيها متعة للنفس وغذاء للعلم والعقل والروح، وفيها إزالة لفوارق الزمان والمكان، فيعيش القارئ مع الناس جميعًا أينما كانوا وأينما ذهبوا، وفي القراءة ينابيع صافية لخبرة كل مجرب يفيض بالهدى والرشاد والنصح والتوجيه، وفي القراءة سياحة للعقل البشري بين رياض الحاضر وآثار الماضي وبقاياه وآمال المستقبل، والقراءة تنقلنا من عالم ضيق محدود الأفق إلى عالم آخر أوسع أفقًا وأبعد غاية، وبها تستطيع أن تكوّن مع الكتاب والعلماء والمفكرين صداقة تحس بفضلها وتشعر بوجودها. أن القراءة سبب لرفعة الإنسان في الدنيا والآخرة، قال تعالى: يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ. المجادلة 11..