30 أكتوبر 2025
تسجيلبعد سيطرة تنظيم داعش على منطقة سنجار في محافظة نينوى العراقية لمدة عام تقريبا، تمكنت قوات البيشمركة بغطاء من الطائرات الأمريكية تحريرها في الأيام القليلة الماضية. اللافت أنه لم يعثر على أي وثائق أو معدات أو قتلى لتنظيم داعش بعد خروجه من سنجار، وكأن معركة لم تحدث أصلا في المنطقة. عقب التحرير رُفع علم إقليم كردستان دون العلم العراقي، وانتشرت القوات البيشمركة، وقامت المجموعات الأيزيدية، وهي مليشيات كردية صغيرة بطرد العوائل العربية القاطنة في سنجار ونهب ممتلكاتها على وقع تصريح رئيس رئيس الإقليم مسعود البرزاني بأن سنجار أصبحت جزءاً من كردستان، متعهدا بتحويلها إلى محافظة جديدة تتبع للإقليم. أما حزب الاتحاد الوطني الكردستاني فقد أعلن في بيان أن انتصار البيشمركة في سنجار «سيؤثر» على المنطقة من النواحي السياسية والجغرافية والعسكرية. لم تمض ساعات على تحرير سنجار حتى بادرت القوات الكردية التابعة لجلال الطالباني منافس بارزاني إلى دخول منطقة طوزخورماتو التابعة لمحافظة صلاح الدين وبسطت سيطرتها عليها بحجة وجود تنظيمات إرهابية، وهو ما أدى إلى اشتباكات مسلحة بين قوات البيشمركة والحشد التركماني حتى أن القيادي في الحشد الشعبي الشيعي سامي المسعودي هدد الأكراد بأنه لن يتم السكوت على «التجاوزات» بحق أبناء المكون التركماني في قضاء طوزخورماتو في حين دعا «التحالف الوطني» الأطراف التي خرقت الأمن في طوزخورماتو إلى الكفّ عن «التسبب بالأزمات» والإذعان لسلطة الدولة، حيث تبدو الطوز بلدة تركمانية، شيعية في الغالب، لم يدخلها الكرد إلا في منتصف الخمسينات، برغم أنها كانت تتبع لمدينة كركوك قبل تعديل انتمائها إلى محافظة صلاح الدين التي استحدثت بعد عام 1968. وقد عانت هذه البلدة من صراعات مريرة، لتغيير الهوية. تمدد نفوذ إقليم كردستان إلى إقليم سنجار وما تبعه من سلب ونهب وتهجير للعوائل العربية بحجة معاقبة البيئة الحاضنة لتنظيم داعش قابله تمدد مماثل لقوات طالباني إلى طوزخرماتو ووقوع اشتباكات اتنية وطائفية داخل المنطقة. وكلاهما يتحدث عن توسيع الإقليم الكردي حتى إن مسعود بارزاني جاء في تصريحه أن حدود الإقليم ترسم بالدم في إشارة إلى تغير واضح في خارطة الحافظات العراقية التي تحوي خليطا من الإثنيات العراقية. معروف أن إقليم كردستان يمر بأزمة بشأن رئاسة الإقليم ونهاية ولاية مسعود بارزاني، إذ تطالب الأحزاب الأربعة (الاتحاد الوطني -التغيير – الاتحاد الإسلامي – الجماعة الإسلامية) بتنحي بارزاني من السلطة وتغيير نظام الحكم في الإقليم من النظام الرئاسي إلى النظام البرلماني واختيار رئيس جديد من البرلمان. وقد جاء تحرير سنجار لإعادة تعويم الرئيس مسعود بارزاني داخل المكونات الكردية بشكل عام حيث يطرح نفسه كقائد وزعيم كردي قادر على سوق الأكراد إلى تحقيق الدولة المنشودة أو على الأقل تحقيق امتيازات خاصة لهم فيما يشبه الإدارة ذات الاستقلالية التامة عن المركز في العاصمة العراقية بغداد. لكن هذا التوسع من شأنه تدشين حرب عرقية ومذهبية لا تقل خطورة عما ارتكبه تنظيم داعش بحق العراقيين في أماكن أخرى. وتحت ذريعة مواجهة الإرهاب قد يُرتكب من الجرائم ما لا يقل عما فعلته التنظيمات المسلحة بحق العراقيين على اختلاف انتماءاتهم المذهبية والسياسية. نحن نعيش على ما يبدو حرباً من نوع آخر بدأت ترتسم على طول رقعة الجغرافيا العراقية وبدعم خارجي في غالب الأحيان..