12 سبتمبر 2025

تسجيل

الإخوان المسلمون.. كسبوا أم خسروا ؟

21 نوفمبر 2013

خصوم الإخوان وكنوع من إدارة المعركة الإعلامية ضدهم.. يزعمون أن مشروع الإخوان قد انتهى وأنهم لن تقوم لهم قائمة بعد الذي وقع ضدهم في مصر، وما تعانيه الثورة في سوريا وجزئيا في غيرها.. بل إن بعض هؤلاء ذهب بعيدا في توصيف نهاية الإخوان وقرر – بشماتة بادية – أن هذه النهاية لن تتجاوز الخمس سنوات القادمة.. ذلك يذكرنا بتوهمات المفكر الأمريكي فوكوياما الذي توهم أن الصراع قد انتهى لصالح الغرب بعد توغل الأمريكان في احتلالات مباشرة وغير مباشرة في المنطقة مطالع هذا القرن.. وأقول: على العكس من كل ما يقال في ذم الإخوان وادعاء هزيمتهم فإني أرى أنه ليس من المبالغة في شيء وصف ما حققوه وما تحقق لهم من الإنجازات على أنه إبداعات في الأداء، وأن ما وقع عليهم من ابتلاءات إنما هو هبات وتوفيقات ربانية تذكر بقوله تعالى (وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ*).  المطلوب والذي لا بد منه هنا أن نرصد الأحداث بمسح شمولي وأن ننظر لها بمنظار أوسع من رؤية منفردة لما نعتقد أنه شر أو منفردة لما نعتقد أنه خير.. لا بد أن نرى كل الحالة من هبوط وصعود، وأن نرى ما يقع للإخوان وما يقع لخصومهم وأثر كل ذلك على الفئة الصامتة بينهما، يجب أن ننظر بشمولية تناسب امتداد الإخوان الزماني في عشرات السنين الماضية وعشرات وربما مئات السنين القادمة، وامتدادهم المكاني كجماعة لا تخلو منها دولة أو محافظة أو مدينة أو قرية، وامتدادهم المشروعي الذي يمتد في الفكر والسياسة والعلاقات.. وأطرح جملة الملحوظات الآتية التي أراها تُمعير الموقف وتحكم تقويمه على صيغة السؤال وعلى سبيل الاستدلال وليس الاستقصاء.. وأقول: 1- قد أزيح حكم "الإخوان" في مصر بالقوة العسكرية وبالقتل الذريع، وأخذ زعيمهم – مرسي – من سدة الحكم إلى السجن مباشرة.. والسؤال: هل هذه إزاحة أخلاقية سوية معبرة عن رأي عام؟ ومن الذي حقق الغلبة فيها إذا كنا نتحدث عن صناعة ثقافة وحضارة ولياقة مجتمعية وعن صراع في مجال الأفكار والاتجاهات يصنع المستقبل؟ 2- وأن يحكم "مرسي" فيحسن إذ يحكم، وأن يعتدى عليه فيكظم غيظه، وأن يراودوه على عروبته وإسلاميته ووطنيته فيثبت رسوخ الجبال، وأن يخوّفوه فيتحدى ويصمد صمود الأبطال، وأن يسجنوه فيبتسم ويستعلي بقيمه.. أليس كل ذلك يصنعه رمزا وقيادة شعبية يمكن المراهنة عليها لا تقل عن غاندي الهنود وهيرتسل اليهود ومانديلا الأفارقة وناصر القوميين؟ وإذ يصير للإخوان هذه الرمزية الحاضرة وأن يلتف حولها (مسيحيون، وناصريون وطلاب وليبراليون ونساء ورجال وإسلاميون وعلمانيون..) أليس ذلك نصرا لهم وأي نصر؟! ودعك في هذا المقام مما يفتريه خصومه وأعداؤه مما لا يقنعون به أولادهم وأهل بيتهم! 3- وإذا كان الإعلام قد دأب ولعشرات السنين على اتهامهم والإشاعة عليهم بأنهم عملاء وظلاميون وحجريون وإرهابيون ودمويون وأنهم إن صلحوا لقيادة جمعيات العمل الخيري فلا يصلحون للحكم، وأنهم ليس لديهم مشروع أو برنامج سياسي، ثم حكم الإخوان ورغم قصر المدة وكثرة التعثير وقطع الطريق عليهم نجحوا، وبعد أن أزيحوا عن الحكم سالموا وقالوا (سلميتنا أقوى من الرصاص) ثم قام الانقلابيون يتقفّون آثارهم وينفذون برنامجهم حذو القذة بالقذة.. فهل بقي أحد يصدق شيئا من تلك الفري والإشاعات؟ 4- وإذا كان "الإخوان" قد قبلوا سابقا وضمن معادلة عدم الغرق في الخصومات الأمنية أن يكونوا جزءا ثانويا من معارضة في صدارتها أطياف العلمانية والليبرالية والقومية، وأن يمارسوا السياسة الرسمية من ورائهم وبالقدر المسموح ؛ فهل الأمر اليوم على هذا الحال بالنسبة للإخوان أو بالنسبة لمنافسيهم وخصومهم؟ 5- وأن ينكسر حاجز الخوف في ضمير شعوبنا كالذي نراه في مصر وسوريا وغيرها اليوم، وأن تنخرط الشعوب في المتابعة اليومية للأحداث والتفاعل الفكري والسياسي معها، وأن تدخل قضايا الأمة كل بيت وتصير محور نقاش كل أسرة.. أليس كل ذلك لصالح الإخوان وصالح مشروعهم ومقتضى تربيتهم؟ 6- وعندما تسقط في مصر – بالذات - الأصنام الثلاثة وأقصد بها (العسكر المستبد، والقضاء المسيس، والمؤسسة الدينية المخترقة والمصوغة مخابراتيا) عندما تسقط هذه الأصنام التي لم تستخدم إلا ضد المشروع الإسلامي وإلا لنهب خيرات الأمة، وإلا لحماية الفاسدين المتألهين على ذلك الشعب المسكين منذ ستين سنة، ويصير لدى طالب المدرسة الإعدادية والثانوية القدرة والجرأة على نقدها وتصفيف المحاسبات والمجادلات لها.. أليس ذلك كله لصالح مشروع الإخوان التحرري والعدالي والإسلامي والوطني والثوري ومواجهة الفساد والمشروع الصهيوني؟  آخر القول: لو كان هدف "الإخوان المسلمون" أن يصلوا للحكم لكان نزولهم عنه في مصر نوع هزيمة ووجه خسارة رغم أن الانقلاب لم يثبت ولم يستقر بعد، ولكن إذا كانت غايتهم أن يصلوا بوعي الأمة وإرادتها للقبول والرضا بحكم الشرع والعبودية لله تعالى فإن ما وقع لهم وما أحسنوه في حالتي الصعود والهبوط لا يمكن اعتباره إلا مكتسبات وإلا انتصارات وإلا أنه صيرهم اللواء المعقود والأمل المنشود.