12 سبتمبر 2025

تسجيل

قرار إنساني يواجه الجشع

21 نوفمبر 2011

عندما تتحول أي زيادة في مرتبات الناس من جيوبهم إلى حسابات التجار لتعظيم ثرواتهم وتضخم مدخولاتهم وقد أصروا على التربح حتى النخاع يجأر الناس بالشكوى، وعندما ينشب الغلاء أظافره في لحم الناس الحي الذي نسميهم محدودي الدخل ليقتطع ما يريد دون رحمة ولا شفقة بزيادات تكسر ظهورهم يجأر الناس بالشكوى، وعندما لا تجدي الاستغاثات المتكررة بحماية المستهلك لتكميم غول الغلاء المتربص بالناس ليكشف البيوت المستورة المتعففة يجأر الناس بالشكوى، وعندما لا يجدي مع التجار لا لفت نظر، ولا تنبيه، ولا تقريع ولا حتى مخالفة وقد قفزت الأسعار إلى حد لا يتصور يجأر الناس بالشكوى، وعندما تتفاوت الأسعار بدرجات عجيبة بين مراكز التسوق فيربح أحدهم من المستهلك 50%، والثاني 100%، والثالث 400%، يذهل التفاوت الناس فيستغيثون بمن يغيثهم بل ويضجون بالشكوى، هذا بعد أن لجأ كثيرون إلى البنوك للاستدانة لتكملة العجز الذي أصاب ميزانياتهم فوقعوا في غم ملاحقة البنوك لهم وإما الدفع أو الاحتجاز، كبرت الأوجاع، وتوحش الغلاء، وأصبحت الشكوى أنينا يتعنى منه الموجوعون ليسأل المرء نفسه إذا كان الواجدون ذوو البحبوحة والمرتبات الطيبة منزعجون من الغلاء ويشكون من سطوته عليهم فما بال الأسر ذات الدخول المحدودة التي لم يزد مدخولها ريالا واحدا؟ ما عساها تفعل وقد خنقها غلاء كل شيء؟ إجابة هذا السؤال لا تهم السادة التجار، إذ الأهم في عرفهم زيادة لا تتراجع، لأنهم يعلمون أن المستهلك لأية سلعة أو لأية خدمة لن يقول (لا بين البايع والشاري يفتح الله) لأنه محتاج لهذه السلعة إذن هو مجبور على شرائها مهما بلغت قيمتها، وتفاقم دور التاجر المستغل لحالة الاحتياج هذه، وكثير من التجار يلعبون لعبة إخفاء السلعة لتعطيش السوق ومن ثم رفع ثمنها بالقدر الذي يرضي جشعهم، تفاقم الجشع وأصبحت الشكوى من الغلاء هم البيوت وغمها حتى فاجأنا صدور قرار سمو الأمير حفظه الله بإنشاء لجنة لمراقبة السلع والخدمات الذي نأمل أن ينهي حالة الاستغلال التي استمرت سنوات رغم جهود حماية المستهلك التي لم يلق لها التجار بالاً وأوصلوا الأسعار للرقم الذي أرادوه دون أي حساب لأزمات البيوت الطاحنة. مهم جداً أن نقدم تحية وشكر لأبي مشعل على قرار سيحفظ لكثيرين ماء وجوههم بعيداً عن الاستدانة وأبواب الجمعيات الخيرية وسيعلي من شأن الرحمة والإنصاف بعد طول إجحاف ومع اللجنة للمستهلك آمال كثيرة حتى يعتدل الميزان ويستشعر المواطن والمقيم بأن الدولة تحميه وتضرب على أيدي المتربحين من أقوات الناس الذين يحكمهم قانون أنا وبعدي الطوفان، يريد المستهلك نشرة يومية بالمخالفين ونوع المخالفة الرادعة الموقعة عليهم، وأسماء التجار الذين يقتطعون من قوت الأطفال ما يشاءون لتعظيم ثرواتهم السريعة، يريد المستهلك أن يعرف اسم المطعم الذي قدم له لحوماً منتهية الصلاحية ليكون عقابه المقاطعة، التي هي أيضا عامل زجر لسواه، يريد المستهلك الوصول إلى سعر السلعة الأساسي المضاف إليه، هامش من الربح المعقول المقبول، يريد المستهلك تسعيرة موحدة تجبر التجار جميعاً على التعامل بها وفي حالة الإخلال بها يطبق عقاب فوري يكون أول بنوده إغلاق المحل مدداً متفاوتة على قدر المخالفة حتى ينضبط هواة تنظيف جيوب الناس من حلالهم، يريد المستهلك جهة أو موقعاً بقلب السوق ليبلغه عن تجاوز أي تاجر حاول ابتزازه ليتخذ الإجراءات الفورية ضد أي متلاعب بالأسعار، يريد المستهلك أن يطمئن إلى أن أحداً لن يستغفله فيبيع له المضروب على أنه صالح، والتالف على أنه مضمون، والمقلد على أنه ماركة بضمان، يريد المستهلك أن ينظف السوق من كل أشكال الغش، والاحتيال، والابتزاز، والتربح، والكذب، والضحك على المستهلك بالإعلانات الكاذبة، والتنزيلات المزيفة، كلنا أمل بأن تنتهي سنوات الاستغلال ليعيش الناس رخاءً حقيقياً لا يكدره جشع الجشعين، ويبقى على كل مستهلك مهمة الإبلاغ دون أي تراخٍ عن أي مستغل مخالف، إذ ان ضعفك يغري بالتهامك وما أكثر المتربصين للالتهام! * * * طبقات فوق الهمس * كشفت اتصالات المستمعين لوطني الحبيب صباح الخير عن حجم المعاناة التي عانى منها كثيرون من حجاج هذا العام مما حرمهم من أداء مناسكهم براحة وسكينة دون قلق أو توتر لكن هناك حملات أخرى وفرت لحجاجها جواً طيباً يليق بقدسية المكان وسهرت على راحتهم، منها حملة الفاضل محمد سالم الهاجري التي قدمت لحجاجها كل العون لأداء المناسك باطمئنان مع كل سبل الراحة بتوفير سكن نظيف لائق، وطعام مجهز طوال الوقت، وخصوصية ملحوظة، ووحدة علاج بها طبيب مقيم وممرضة بكامل استعدادهما لرعاية الحجاج، ومرشدين دينيين، ونقل مريح للشعائر، واطمئنان مستمر على الحجاج وقد كلل هذا كله أمس بحفل عشاء جمع مسؤولي الحملة والحجاج الذين شاعت بينهم روح الألفة والامتنان لتوفير الخدمات الطيبة أثناء كل المناسك. * باقة ورد عليها أطيب التحايا وخالص الشكر لحملة محمد سالم الهاجري لكل ما قدمته لحجاجها بحب وطيب نفس وكل التقدير لكل إداري بالحملة. * في حملة الهاجري كان أحد المشرفين يعمل بهمة يحمل حقائب، يوزع مياهاً، يتمم على الغائبين، يوصل إرشادات، لا يهدأ، في الدوحة عرف الحجاج أنه لم يكن مشرفا، وإنما كان حاجاً محباً لمساعدة الحجيج مرتجياً ثوابه من الله، وأنه العميد طارق العبيدلي بالجيش جزاه الله خيراً على تواضعه الجم.