19 سبتمبر 2025
تسجيلزعيم نادر في عصره سيبقى خالداً في ذاكرة الأمم والشعوب قاد السلطة في السودان لمدة عام ثم سلمها للشعب بكل شفافية رجل المهام الصعبة سيبقى باقياً في قلوب السودانيين إلى الأبد رحل عنا بالأمس الزعيم السوداني – المغفور له بإذن الله تعالى – المشير عبدالرحمن سوار الذهب (1934 - 2018).. واسمه بالكامل: عبدالرحمن محمد حسن سوار الذهب. هذا الإنسان الصادق والأمين مع نفسه أولا ومع شعب السودان ثانيا.. بعد أن ضرب المثل الأعلى في القائد الذي قاد ثورة وطنية مخلصة في بلده، من أجل إنقاذه من الدمار الذي حل به في فترة الثمانينيات خلال عهد الرئيس الراحل جعفر نميري (1930 - 2009).. وذلك منذ انتفاضة ابريل 1985 م. حيث اصبح خامس رئيس للسودان في تاريخه السياسي. ثم تنازل عن الحكم ؛ لأنه لم يكن طامعا في الكرسي بقدر ما كان يتمنى وحدة السودان ولم الصفوف لأبنائه في تلك الفترة العصيبة التي مر بها. ◄ الزعيم الراحل يعد شخصية عربية وطنية فذة من الطراز الفولاذي.. لكونه لم يكن يسعى لتحقيق اية مطامع في كرسي الحكم كما يفعل أغلب الحكام العرب ؛ حيث يتشبثون بكرسي الرئاسة إلى أبد الدهر.. وهذه الميزة جعلت منه بطلا قوميا ليس في السودان فقط بل في كافة البلدان العربية والإسلامية. ◄ السودان كان يحتاجه حيث مر السودان في فترة الرئيس جعفر نميري بأزمة سياسية واقتصادية خلال تلك المحنة، التي لم يكن سوار الذهب فيها إلا عازما على ان يقدم لشعبه دور المنقذ للسودان، وتلافي أزمة سياسية قد تطول لعقود إذا لم يتحرك أحد أبناء السودان لتغييرها نحو الأحسن. وقد كان سوار الذهب الرجل المناسب الذي حل في الوقت المناسب لإنقاذ الموقف. ◄ ريادته في العمل الخيري مكث الفقيد سوار الذهب يعمل لسنوات طويلة في العمل الإنساني والخيري من أجل نشر هذه الأعمال الرائدة في العالم.. حيث ارتبط بالعمل الاغاثي الذي خدم الفقراء والمحتاجين والمتضررين من جراء الأزمات الاقتصادية التي اجتاحت الكثير من الدول سواء بسبب الفقر والفاقة أو بسبب الأزمات الاجتماعية التي تتعرض لها بعض الدول الشحيحة في التمويل وتوفير الخدمات والبنى التحتية والغذاء.. فكان – رحمه الله - متميزا في اعماله القيادية عقب توليه منصب رئيس مجلس أمناء منظمة الدعوة الإسلامية وهي منظمة عالمية خدمت الاسلام والمسلمين في شتى البقاع.. كما شغل الرئيس الراحل منصب « عضو مجلس الحكماء المسلمين «.. بجانب حصوله على جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام سنة 2003 م. ◄ اللقاء الأول معه عام 2006 التقيت - شخصيا - بالرئيس سوار الذهب لأول مرة سنة 2006 م بمدينة الدوحة على هامش « منتدى الدوحة الخامس للديمقراطية والتنمية والتجارة الحرة في العالم العربي «. والذي عقد تحت رعاية صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر رئيس مجلس مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع مع تشريف وحضور سمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني. وحينها كان الفقيد متحدثا رئيسيا في المؤتمر عن حالة الديمقراطية العربية والسودان بشكل خاص. ◄ أما اللقاء الثاني معه فكان قبل ست سنوات تقريبا حيث اجريت معه حوارا صحفيا مطولا عن الحريات في البلدان العربية والقضايا السياسية السائدة كما تحدث عن ذكرياته مع عمله في القوات المسلحة القطرية منذ سنة 1972 م حيث عمل مستشارا عسكريا لعدة سنوات في عهد حاكم قطر الراحل الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني.. وكان - كما تقول المصادر - بمثابة قائد للجيش والشرطة، وهو أول من فرز الأرقام العسكرية وحدد أرقاما منفصلة للشرطة، وأرقاما أخرى للجيش، ومن ثم قام باستبدال الزي العسكري والبزات العسكرية ببزات جديدة وتحديد كل سلاح على حدة بفصل الجيش عن الشرطة وتأسيس كيانين مستقلين هما شرطة قطر والقوات المسلحة القطرية. كلمة اخيرة رحم الله عبدالرحمن سوار الذهب.. هذا الرجل الذي سيذكره التاريخ بكل فخر واعتزاز.. لانه بمثابة صفحة مضيئة في تاريخ الحكومات والشعوب.. فهو من أفضل الرموز السياسية التي قدمت المثل الأعلى في قيادة وطنه وانقاذه من الأزمات التي عصفت به في فترة الضعف والانهيار في ثمانينيات القرن الماضي. فكان قائدا حكيما وشخصا عظيما في الوحدة.. سائلين الله أن يتغمده بواسع رحمته وأن يسكنه فسيح جناته «إنا لله وإنا إليه راجعون».