30 أكتوبر 2025
تسجيلفي الظرف السوري المأساوي الذي أمسى يتفاقم يوما بعد يوم منذ بداية الثورة المجيدة حتى أصاب الكثيرين نوع من اليأس والإحباط فكادوا يعتبرون أو اعتبروا- على الأصح – أن العالم قاطبة متآمر عليهم وعلى بلادهم بدءا بإسرائيل الصهيونية التي هي مربط الفرس في كل ما حدث ويحدث في سوريا خصوصا - كونها متاخمة حدودياً لها وضمان أمنها أوجب الواجباب - وفي البلاد العربية التي تحركت فيها الثورات عموما إلى روسيا وإيران وأذنابهم المتوحشين ولكنه لما غزت روسيا سورية اليوم سواء أكان ذلك فجأة أو عن تخطيط مسبق مدروس – وهو ما نرجحه – نهضت روح التحرك والتحرق تدب من جديد في أوصال الشعب السوري ومخيمات المهجرين وكتائب القتال في الداخل. إذ إن الاحتلال الإيراني لأرض عربية كسورية – العضو في الجامعة العربية- أشعل إلى حد ما جذوة حب الوطن والذود عن حِماه لدى الكثيرين حتى أثبتوا كذب إيران وسفرائها وسياسييها الذين زعموا أنها تعين فقط في الجانب الاستشاري واللوجستي النظام السوري دون أن تشارك في القتال إلى جانبه. ولكن الجنازات التي ظهرت على الشاشات في الإعلام الإيراني لعشرات الجنرالات الذين قتلوا في حلب وريفها وريف حمص وريف حماة خصوصا "مورك" وكذلك في إدلب وريفها والساحل، وزد إليهم الأعداد الكبيرة التي استطاع الثوار أن يلقنوها دروسا لن تنساه مما يسمى "حزب الله" قيادات وجنودا.. كل ذلك أوضح للبشر جميعا أنه لا فرق بين الاحتلال الأسدي لبلاد الشام والاحتلال الإيراني. وإن كان الاحتلال البوتيني الروسي- ربما- كان أشرسها حيث بدأ يجرب دوره بعد انهيار اللانظام وشركائه. في سوريا – وإن كان إلى اليوم قد أدى إلى يقظة جديدة فإنه لم يحقق شيئا جوهريا يذكر في المكاسب اللهم إلا إزهاق أرواح المدنيين التي تشكو إلى ربها والمخلصين الوطنيين الشرفاء، هذا العدو المجرم الذي – كما قال رئيسه "مد يديف": إننا نحارب في سوريا من أجل مصالحنا لا من أجل حماية الأسد، ولكنه في تصريح آخر أول أمس يقول: إننا مع الحكم الشرعي للأسد في سوريا! إن كل ذلك قد أوقد نيران الحماسة والهبّة الوطنية من جديد في سورية، وذكّر الشعب أن بوتن ونتنياهو إنما هما وجهان لعملة واحدة ولابد من مواجهتهما بكل ما يقتضيه الدين والخلق والوطنية التي لولاها لما بقي وطن في أرض. ولذلك – وأيا كانت السيناريوهات الروسية وتكتيكات محور الشر الرباعي الذي ينظمه طيف واحد من الإجرام والعداء للإنسانية. فإن التذكير بتفعيل الجانب الوطني لدى كل فرد من الشعب ذكرا أو أنثى قد بات ضروريا جدا هذه الأيام لأنه كما يقول الإمام الشافعي – رحمه الله -: ماحك جلدك مثل ظفرك فتولّ أنت جميع أمرك. وإن هذا لممكن تماما. حتى لو منع الأشرار عنا السلاح المتطور. فما غنمه الثوار من اللانظام وشركائه يعتبر عدة قوية تشجّع – كثيرا – إلى اغتنام أكبر من المحتلين الجدد. والحرب إنما تعتبر حربا بالثبات على الأرض. وهو ما حدث في أفغانستان سابقا حتى هزمت الاتحاد السوفيتي – على فقرها – وجعلته يجر أذيال الخيبة. ويخطئ من يظن أن الدين الإسلامي لم يعد بمقدوره أن يؤدي دورا رياديا في الصراع. بل العكس هو الصحيح. وكما قال مولانا(فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا) النساء: 19.وإن الناس بدافع هذا الدين وفطرته وبالدافع الوطني – ما دام صادقا – لدى النصارى وأطياف الشعب الأخرى. وبتناسي أي حقد لطرف على طرف واعتبار أن الصفحات القديمة من الرواسب تُطوى ولا تُروى – فإن الجميع سوف يقتربون من أهدافهم – ويتمسكون بالنصوص والتوجيهات التي تجعل حب الوطن لديهم هو ينبوع التضحية – حياله. وإنه كما يقول – لا كوردير: عندما يكون الوطن في خطر فكل أبنائه جنود. أي بمعنى أن الوطنية تعمل ولا تتكلم فقط، كما هي حالة السفاح الأسد الذي يتكلم في خطاباته عن الوطن وهو نفسه الذي احتله والإيرانيون والروس الأمريكان والصهاينة بدءا وختما. ولا ندري إن كان سيأتي محتل آخر من المريخ! وهذا تماما ما عبر عنه أمير البيان العربي شكيب أرسلان بقوله: يفكر الوطني بالأجيال القادمة لا بالانتخابات القادمة التي هي مربط الفرس لدى كل خائن وعميل ومزوّر وحاقد على الشعوب بينما ترى في الجانب الآخر أن الوطنيين الصادقين هم الذين يُحيون الوطن بدمائهم الزكية، ولا يميتونه بدموع التماسيح، ولعل هؤلاء هم عدتنا القوية، وهم الذين يعتبرون أن الخبز في الوطن خير من بسكويت الأجانب كما يقال، وكما قال شوقي: وللأوطان في دم كل حر يدٌ سلفت ودَيْن مستحققالها أثناء الاحتلال الفرنسي لسوريا ونحن نقولها اليوم كذلك للاحتلال الروسي، وخير للمرء أن يموت في سبيل فكرته من أن يُعَمَّر طول الدهر خائنا لوطنه جبانا عن نصرته، كما يقال، ولكن ماذا نؤمل ممن جعلوا اليهود أئمتهم في الإجرام والصليبيين شركاءهم في المجازر والروس والصينيين طلائعهم في الشر والهيمنة على الضعاف. ومناوئة الأحرار ليل نهار، هذا بالسلاح وذاك بماله، والباطنيون من الشيعة الروافض هم عملتهم الرائجة بل خُدّامهم الأمناء لتنفيذ مآربهم في عصر ما يسمى نصرا للأقليات والاعتماد على أعداء الإسلام كهؤلاء الذين مزقوا كل وحدة في الأمة وكانوا – ومازالوا- مع الأعداء ضد أهل الوطن. ويكفي أن التشابه بينهم وبين اليهود ليس له عد ولا حصر!. ولهذا فإننا نهيب بجميع أطياف الشعب السوري والشعوب العربية الحرة والإسلامية المخلصة وكل ذوي الضمير الحي أن يكونوا مع الشعب السوري المظلوم لا مع الظالم السفاح الذي يزعم أنه طلب من روسيا أن تدافع عنه وتسحق الإرهاب وقد استجابت!. وكأن هذا القائل ومن هو مثله لا يعرفون أن الحق خلاف ذلك ولكنهم يخادعون دينهم وعقلهم " كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ "الكهف: 5. ومن هنا: فإننا نؤكد ضرورة الجهاد ضد هذا الغازي الخاسر حتى لا يغضب الله علينا ولا نعد من جملة الجبناء الرعاديد. كما قال الكاظمي: ومن لم يكن من دون أوطانه حمى فذاك جبان بل أخسُّ وأحقرفلا وألف لا للهجرة من سوريا وتركها لهؤلاء الخنازير يسكنونها ويغيرون ديموغرافيتها. ولعمر الحق إن هذا من غير ضرورة ملجئة لهو من أكبر الكبائر. ولا للخلافات التي تفرق الصفوف ولا توحدها أبدا. وقد قالت العرب حتى قبل الإسلام: "المحن تذهب بالإحن". فتعاونوا يا ثوارنا ودعوا الخصومات جانبا فيكفينا ما جاء به اللانظام بأمر الصهاينة والعالَم الشرير بمن هم ضدكم ويحرسون بالطيران الروسي الذي يغطي هجوماتهم ضدكم. فكونوا من أهل الشرع والعقل والحكمة. وحذار أن تُقطِّعكم الأهواء فيفرح العدو بذلك ويستحوذ على البلاد والعباد- لا سمح الله -. وكما قال علي الجارم:عزيز على الأوطان أنَّ شجاعةً تُمزِّقها الشحناء في غير طائل فهل أنتم فاعلون أيها العظماء؟