18 سبتمبر 2025

تسجيل

حكمة الحج.. وشرف خدمة الحجيج

21 أكتوبر 2012

منذ أن أذن أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام ذلك الأذان الذي وسع كل العالم مكاناً وزماناً والناس لم ينقطع حجهم إلى بيت الله الحرام " وأذن في الناس بالحج " الحج آية 22. وتلك حكمة ربانية لا يعلمها إلا الخالق سبحانه وتشريف اختص به المكان والزمان منذ أن جاء الخليل بزوجته هاجر وابنه إسماعيل إلى ذلك الوادي المقفر من الزرع والماء حتى أن مرور الطيور فوقه كان مستغرباً عند قبائل الجزيرة العربية سوى أن حكمة الله ماضية حتى يومنا هذا الذي غدت فيه مشاعر الحج نسكا يُتعبد بها في دين الله الإسلام الذي يُعد الحج إلى بيت الله الحرام ركناً من أركانه الخمسة وشعائر روحانية لا مجرد ممارسات تقليدية تنسلخ من عقيدة المسلم. بل إن للحج مقاصد ومنافع جمة للفرد والأمة لا يُحاط بها فكر المتقدمين والمتأخرين من الناس. ومن نعم الله الجمة على المسلمين في عصرنا هذا أن جعل السبيل إلى تلك الديار ميسراً يحاط بالخدمات الجمة التي تتشرف بلادنا المملكة العربية السعودية حكومة وشعباً بتقديمها للأعداد الضخمة من ضيوف الرحمن. فتُقدم الخدمات موازية لحجم الإعداد في زمن معلوم وفي أماكن معلومة لتكون جملة تلك الخدمات قياسية ضخمة تُسخر لها جل الإمكانات والقدرات بروح محبة متفانية وهو من التعظيم لشعائر الله وكسب شرف المهمة بأقصى قدر من العمل الجاد والمتنوع والذي يبدأ منذ وصول الحجاج إلى البلاد وحتى انقضاء النسك فقد وسعت عمارة الحرمين في مكة المكرمة والمدينة المنورة لاستيعاب ملايين الوافدين ونفذت المشاريع العملاقة في عرفات ومزدلفة ومنى حيث جسر الجمرات الجديد بأدوارهِ المتعددة وفي طرق التواصل بين المناسك كافة إذ يُستكمل هذا العام تشغيل قطار المشاعر في مراحله المتقدمة كما أحيطت كافة مراحل الحج بالتطوير والتحديث محفوفة بتوفير الأمن والاستقرار ومجمل الخدمات في الطرق ومواقيت الإحرام. فغدى الحج رحلة إيمانية يضرب بها المثل في قياسية وحجم الأداء وهو شرف ارتضته البلاد لها وبذلت لأجله المبالغ المالية الضخمة والمستمرة وسُخرت العقول ومراكز الأبحاث أيضاً للدراسات المتنوعة واستنباط أيسر السبل أمام الحجاج وفق المنظور الشرعي الذي لا يخل بنسك أو شعيرة وحتى لحوم الهدي والأضاحي غدى الانتفاع منها عاماً يطال كل بلاد المسلمين وفقرائها بعد أن كان لا يستفاد سوى من قليله بينما يذهب الكثير هدراً بل ويجلب من المصاعب الكثير أيضاً. وحين تقارن ظروف الحج بما سبق الدولة السعودية يسمع المتلقي الكثير من القصص والروايات الغريبة والعجيبة فكانت الرحلة إلى الحج محفوفة بالمخاطر والمهالك وتلازمها المتاعب والنواقص وهو ما كان مشاهداً إلى وقت قريب ويذكره لنا الآباء والأجداد بنوع من الوجل الملموس في رحلاتهم سوى أن ما تحقق الآن علامة فارقة وجهود جبارة أمنت فيها الطرق إلى الحج وبتر عائق الخوف وذللت المصاعب. ولا أدل على الشرف المكتسب هنا سوى تسمية ملك البلاد لنفسه بلقب خادم الحرمين الشريفين وتسمية عموم البلاد ببلاد الحرمين وهو من أسرار ثبات الدولة وفائض رزقها الكبير ولله الحمد والمنة. وحيث تحفنا الآن أيام الحج ويقف الحجاج يوم الخميس القادم في صعيد عرفات ملبين مكبرين كما فعل سيدنا إبراهيم ويرمون يوم الجمعة وأيام التشريق جمراتهم وينحرون أضاحيهم وهديهم فنسأل الله العلي القدير أن يبلغهم الحج المبرور وأن يتموا نسكهم بيسر وسهولة وأن يعيد سبحانه على عموم البلاد الإسلامية هذه المناسبة العظيمة بالخير والبركة.