10 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); إذا نظرتم إلى وسائل الإعلام الغربية، فسترونها تتحدث عن كوارث تشهدها تركيا منذ إعلان حالة الطوارئ. وسائل الإعلام تلك تقول إن قانون الطوارئ الذي تم استخراجه لمكافحة منظمة فتح الله جولن الإرهابية، بات يستخدم من قبل الرئيس رجب طيب أردوغان، لضرب كل قوى المعارضة.وفقًا للغرب، فإن وضع حرية الصحافة، وحرية التعبير، والقانون، والنظام العام، تعيش مآزق كبيرة في تركيا التي تأخذ منحى سيئا للغاية.إن الأخبار التي نشرتها وسائل الأعلام تلك، إضافة إلى تعليقات السياسيين الغربيين على تلك الأخبار، أسهمت إلى حد بعيد بتشويه صورة تركيا في الخارج.ماذا يحدث في تركيا؟هكذا يسعون لإظهار تركيا في الخارج، لكن كيف نحن نرى الوضع من الداخل؟ ماذا يحدث في تركيا وهل أثرت حالة الطوارئ في البلاد على حياتنا؟لربما أن محاولة الانقلاب التي شهدتها تركيا في 15 يوليو الماضي، كان الحدث الأكثر تأثيرًا على المجتمع والأحداث السياسية في تركيا. كما أن الحدث ذاته سيبقى مجال حديث وبحث لسنوات عديدة، سيكتب عنه كتبٌ ويعدُّ حوله أفلام وثائقية.إن حالة الطوارئ التي نتحدث عنها قد أعلنت بعد محاولة انقلاب حدثت في البلاد. وأعتقد أن اتخاذ مثل هذا الإجراء هو بالتأكيد حق طبيعي لتركيا. بعد إعلان حالة الطوارئ تزايدت في وسائل الإعلام وكواليس السياسة الأوروبية نبرة العداء ضد تركيا. علمًا أن فرنسا على سبيل المثال أعلنت حالة الطوارئ لمرتين عقب الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها البلاد. وهي تعيش منذ 9 أشهر في حالة طوارئ.عقب محاولة الانقلاب أعلنت تركيا حالة الطوارئ لمدة 3 أشهر، إلا أن ردود الفعل الأوروبية على ذلك الإعلان جعلت تركيا تصاب بالدهشة والغضب أيضًا. فالمعايير المزدوجة للغرب وعدم فهم مواقف أقرب الحلفاء جعلت التوتر هو سيد المواقف في العلاقات التركية الغربية.هل يفتح قانون الطوارئ الباب أمام حدوث انتهاكات؟إن إقالة بعض الموظفين الحكوميين واعتقال بعض الصحفيين والكتاب الذين يعتقد أنهم على صلة مع منظمات إرهابية كان على رأس الإجراءات التي أسيء فهمها في الخارج، وأخذت بعين الاعتبار.بلغ عدد الموظفين الحكوميين الذين تم استبعادهم عن العمل حتى الآن أكثر من 100 ألف موظف، نصفهم تم إخراجهم من العمل بشكل نهائي. والسبب هو حرص تنظيم فتح الله جولن الإرهابي على التغلغل في معظم مؤسسات الدولة من قضاء وتعليم ووزارات وذلك لفترة تزيد عن 30 عاما.إن هذا التغلغل الذي وصل إلى الشرايين الحيوية والإستراتيجية في الدولة والقادر على إصابة أعضائها بالشلل، دفع الدولة نحو حماية بنيتها بشكل غريزي واتخاذ إجراءات حازمة في هذا المجال.أظهرت الدولة ردة فعل قوية لحماية نفسها من جميع الموارد البشرية التي تشكل خطرا عليها وحفظ الأمن في عموم البلد، لذا وكما نقول بالتركية فمن الممكن أن يكون "الأخضر احترق مع اليابس"، أي أن بعض غير المذنبين أيضًا قد تضرروا إلى جنب المذنبين، جراء تلك الإجراءات.وقد اختصر الرئيس أردوغان ما حدث في تركيا بقوله: "اختلط الحابل بالنابل"، فالخيرون اختلطوا مع الأشرار وبات من الصعب الفصل بينهم.تعديلات دستورية مرتقبة لإعادة الحقوق لأصحابهاوأنا واحد من الكتاب الذين كتبوا منتقدين بعض تلك الإجراءات. فإن أعتقد بضرورة توخي الحيطة والحذر في المواضيع المتعلقة بالعدل والإنصاف. لا شك في أنه من الممكن وقوع بعض التجاوزات في مثل هذه الحملة الكبيرة لتقويم مسار الدولة، لكن المهم في الموضوع هو إنشاء آليات تضمن إعادة الحقوق إلى أصحابها.أصدر الرئيس أردوغان ورئيس الوزراء بن علي يلدرم تصريحات مطمئنة في هذا الصدد، وأعلنا عن قرب إصدار تعديلات دستورية تضمن عودة الحقوق لأصحابها. وأشارا أيضًا إلى أن تلك التعديلات ستتحول إلى قوانين قريبًا.صحفيون وكتَّاب رهن الاعتقالهناك أحداث معقدة يشهدها عالم الإعلام والفكر حول العالم. فالصحفيون والكتاب الذين تم توقيفهم هم أولئك الذين وقفوا دومًا إلى جانب تنظيم فتح الله جولن الإرهابي، وعملوا دومًا على شرعنة أفعاله، وسعوا إلى التمهيد لقيام انقلاب عسكري في البلاد. في الواقع، إن هذه الحالة، تشهد جدلًا أيضًا بين المثقفين والسياسيين الغربيين منذ فترة طويلة جدًا. دعونا نقل إن هنالك مجموعة من الكتاب والصحفيين تدعم أفكار تنظيم داعش الإرهابي في فرنسا، ما الذي كانت ستفعله فرنسا حيالهم؟ أعتقد أنها كانت ستعتقلهم كما اعتقلت بعض خطباء المساجد.إن تركيا الآن، تشهد صراعًا بين الأمن والحرية. لا شك أن هنالك بعض الممارسات الخاطئة التي تخللت تلك العملية، لكن تلك الممارسات ليست بتاتًا كما تسعى بعض وسائل الإعلام إلى الترويج لها، كما أنها ليست موجهة ألبتة لإسكات أصوات المعارضين.إن كل دولة تسعى لضمان استمرار وجودها، وأمنها، ونظامها، كان لزامًا عليها أن تتخذ مثل تلك الإجراءات. الولايات المتحدة الأمريكية على سبيل المثال، غزت بعد هجمات 11 سبتمبر بلدين (أفغانستان والعراق) من دون أي تحقق أو مساءلة. إن واشنطن أعلنت زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، الذي كان يعيش في أحد الكهوف، أنه الإرهابي الأخطر حول العالم، بعد أحداث 11 سبتمبر، وحملته مسؤولية ذلك العمل الإرهابي الكبير الذي هزَّ العالم آنذاك، لكنها في الوقت نفسه، غير مقتنعة بأن ذلك الشخص القابع في بانسلفانيا، ويملك مدارس ومؤسسات وشركات ورجال أعمال يعملون لحسابه في 170 بلدًا مختلفًا، هو المسؤول عن محاولة الانقلاب التي شهدتها تركيا. لعمري إن هذا لتناقض خطير.إن تركيا تشعر بغضب عارمٍ جراء كل هذه التناقضات والظلم.