18 سبتمبر 2025
تسجيلكان أمام هيئة كبار العلماء السعودية جملة من الملفات الساخنة التي تنتظر الرأي الشرعي الفصل باعتبارها المرجعية العلمية التي يؤخذ منها تحديد المسار في كافة قضايا المجتمع وأحداث الأمة وظروفها منذ تأسيسها عام 1971م. ولعل من أبرز القضايا التي تناولها أعضاء الهيئة وهم نخبة من الفقهاء المجتهدين من مدارس فقهية متعددة تناولوا مؤخراً البحث والدراسة في موضوعين على درجة كبيرة من الأهمية للبلاد والعباد سبق الرأي فيها الموضوع المتعلق بالحركات الفكرية المستجدة على الأمة بعد تمحيص ومطالعة دقيقة لمجريات الأحداث والفهم العميق لظروفها وتداخلاتها حيث صدر الرأي العام للهيئة بتجريم تلك الحركات ونشاطاتها المشبوهة وقياسها بالبعد عن روح الفكر الإسلامي خاصة داعش والقاعدة والحوثية بل تضمن قرار الهيئة تحريم الأفعال الظاهرة لتلك الحركات وفكرها القائم على القتل واستهداف الآمنين حتى من يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله وتحوير مقاصد الجهاد وأهدافه. فالقرار يحرم الدعم لهذه الحركات بكل صوره ومستوياته سواء كان مادياً أو فكرياً أو الدعوة للانضمام لها. وقد قوبل رأي الهيئة في هذه الحركات بالقبول والارتياح داخل البلاد وخارجها حيث تحظى آراء الهيئة بالقبول العام لمكانتها وحيادية أراء أعضائها والموثوقية فيهم والمعرفة التامة بمقدار التعقل والبحث في الرأي قبل إصداره وبعد عرضه على كافة المصادر والمحكمات الشرعية المنتهجة في البلاد بكل مدارسها واجتهاداتها رغم ما يثار ضد الهيئة وآراء العلماء فيها من فئات لها مقاصد ومصالح تتقاطع مع دعوات الحق وتحديد المسار فيما ينفع الأمة ويجنبها المفاسد والمظالم. فالهيئة هي حائط الصد الشرعي لكل محاولات النيل من الأمة وشعوبها بخلط الآراء والتدليس على العامة ولها في ذلك الكثير من المواقف والتجارب كما أن آراء الهيئة ومواقف أعضائها وفتاويهم يؤخذ بها عند العديد من المؤسسة الشرعية التي تتولى إصدار الأحكام في العديد من الدول الإسلامية وغيرها من دول العالم. ونسأل الله أن تكون مثل هذه الأحكام بما فيها من مقتضيات ومحددات شرعية لا تخرج عن النهج الإسلامي الصحيح ومنابعه وأصوله، هي ما يسهم في إنارة الطريق أمام من يختلج أنفسهم " أفراداً وجماعات " بعض الشبه والظنون حول حقيقة تلك الحركات للعودة إلى الطريق القويم ونبذ الأفكار الدخيلة ومحاربتها والتضييق عليها لتخليص الأمة من شرور الفتن وتبعاتها التي لن تنتج سوى الخذلان للأمة والنكوص بها بعيداً عن مسار الحق. أما القرار الآخر الذي لم يصدر عن الهيئة قرار فيه فهو المشروع الخاص بفرض رسوم على الأراضي البيضاء في السعودية حيث أعيد المشروع للمجلس الاقتصادي الأعلى في إشارة إلى عدم اكتمال مسوغات القرار وربما كان لبعض العلماء آراء فقهية حوله ترتبط بالظروف العامة وحالة المعاش العام للموطنين خاصة أن الموضوع يتعلق بحالة اقتصادية ترتبط بمصالح الإسكان وتجارة الأراضي، فكان عزوف الهيئة عن البت في الموضوع محل ارتياح عند الغالبية وهو أيضاً ما يعزز المصداقية في نهج الهيئة وعلمائها.