18 سبتمبر 2025

تسجيل

لماذا نجح أردوغان وأخفق الإخوان؟

21 أغسطس 2016

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); في مثل هذه الأيام قبل ثلاث سنوات كانت آليات الجيش المصري تقتحم ميدان رابعة العدوية، فسحقت في طريقها مئات المتظاهرين السلميين، الذين ارتكبوا جريمة تمسكهم برئيس جمهورية منتخب، وإصرارهم على رفض انقلاب دموي أطاح بكل مكتسبات ثورة 25 يناير. أكثر ما يؤلم في هذه المجزرة أنه رغم دمويتها وإجرام المسؤولين عنها فإنها لم تنل الاهتمام الذي تستحق، ولم يحصل -رغم مرور ثلاث سنوات على ارتكابها- تحقيق مستقل، ونجح النظام الانقلابي مسنودًا بالدولة العميقة في مصر والمنظومة الدولية الداعمة له بطمس معالم الجريمة، من خلال ارتكاب مزيد من المجازر والجرائم، فصارت كل مجزرة تخفي آثار التي سبقتها. لكن شيئًا واحدًا لا يزال يذكّر بما حصل، وهو اسم "رابعة" والأصابع الأربعة المرفوعة وضمّ الإبهام، هذا الشعار الذي قيل إن أوّل من رفعه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بعد مجزرة رابعة بأيام. بالحديث عن أردوغان، فقد شكلت محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها تركيا قبل أكثر من شهر وإحباط الرئيس التركي مساعي الإطاحة به، شكلت مناسبة للبعض لإجراء مقارنة بين ما حصل في تركيا وبين الانقلاب الذي أطاح بالرئيس محمد مرسي، فبرز سؤال كبير: لماذا نجح انقلاب مصر وفشل انقلاب تركيا؟ ما العوامل التي ساعدت أردوغان على إفشال محاولة الانقلاب عليه، وما العوامل التي ساهمت في نجاح الجيش المصري في الانقلاب على مرسي؟ المقارنة ظالمة ومجحفة بحق الأخير، فموازين القوى والظروف التي رافقت انقلاب مصر تختلف جذريًا عن ظروف محاولة الانقلاب في تركيا، لكن ذلك لا يمنع من الإضاءة على بعض الجوانب التي شكلت عقبات في طريق مرسي، في حين أنها كانت عناصر مساعدة وحاسمة لأردوغان في معركته ضد الانقلابيين. بعد ساعات من إحباط الانقلاب قال رئيس الوزراء التركي: "تركيا ليست دولة من العالم الثالث"، وهو بذلك أشار إلى وعي الشعب التركي وتمسكه بالتجربة الديمقراطية، بخلاف شعوب العالم الثالث التي تقدس جيوشها رغم أن معظم هذه الجيوش لم تقدم إلا القمع. في مقابل وعي الأتراك وتوحّدهم وراء رئيسهم وتصدّيهم بصدورهم لدبابات الانقلابيين، شكلت ضحالة وعي المصريين عاملًا رئيسيًا في نجاح الانقلاب، فنجحت الدولة العميقة على مدى عام في شيطنة الإخوان، وتشكيل رأي عام حمّّل الإخوان والرئيس مرسي مسؤولية مشاكل الكون، فحصل انقسام عمودي عميق بين المصريين منح الانقلابيين ثغرة للتسلل منها وتنفيذ ما أرادوا. الأمر الآخر الذي شكل عاملًا حاسمًا في إحباط محاولة الانقلاب بتركيا، هو أن أردوغان نجح -بفضل الله وتوفيقه- في الإفلات من قبضة الانقلابيين، والبقاء على رأس الدولة ولو من خلال شاشة هاتف جوال، وهو ما ساهم في إعطاء زخم كبير للأجهزة الأمنية المؤيدة للشرعية وكذلك للجماهير التركية لمواجهة الانقلابيين. في المقابل شكل اختطاف الرئيس مرسي، واعتقاله في مكان مجهول نقطة ضعف كبيرة تمّ استغلالها للانقضاض على الشرعية. يبقى عامل وربما هو الأهم في فشل محاولة الانقلاب بتركيا ونجاحه بمصر، وهي أنه في الحالة التركية تمكن أردوغان خلال 14 سنة من إيجاد تشكيلات عسكرية داخل الأجهزة الأمنية موالية للشرعية، ومؤيدة للمؤسسات الديمقراطية، فشهدنا ملاحم بطولية سطّرها أفراد الشرطة خلال تصديهم للجيش المدجّج بالسلاح، وهي من المرات النادرة التي نشهد فيها صراعًا مسلحًا بين الأجهزة الأمنية. بينما في الحالة المصرية كان التسابق بين الأجهزة الأمنية والجيش لإجهاض التجربة الديمقراطية، والتنكيل بالمصريين المؤيدين للشرعية، والانقلاب على الرئيس مرسي الذي كان يحرص في كل مناسبة على التعبير عن ثقته وإيمانه بالجيش والشرطة، لكن من الواضح أنه أخطأ في منح هذه الثقة ووضعها في المكان الخطأ، وهو يدفع ثمن ذلك.