19 سبتمبر 2025

تسجيل

بشائر انتصار الثورة المصرية

21 أغسطس 2011

عجيب غريب لتلك الأصوات العربية التي ترتفع اليوم ضد العملية الاستشهادية البطولية في إيلات والتي تدعي أن مثل هذه العملية تحرف الأنظار عن الثورات العربية وكأن هذه الثورات العربية بعيدة في أهدافها ومبادئها عن الصراع العربي – الإسرائيلي. يخطئ من يظن أن الثورات العربية التي تفجرت في أغلب الدول العربية بعيدة عن صراعنا العربي – الصهيوني ولا أبالغ إذا قلت إن جوهر هذه الثورات هو ذلك الصراع، بل إنه المحرك الأساسي والدافع القوي للشعب العربي في روح وجوهر هذه الثورات، لأن هذه الثورات تطالب بالحرية والديمقراطية وتطالب بالكرامة والشرف وتطالب بالعدالة الاجتماعية وتطالب بالعزة والاستقلال، وهذه المطالب كلها مرتبطة تماماً بصراعنا مع هذا العدو، خاصة مطلب "الكرامة" و"الاستقلال" و"الحرية" لأن اتفاقية كامب ديفيد المشؤومة سلبت كرامة الشعب المصري وسلبت حريته واستقلاله وسيادته فكرامة هذا الشعب ترفض أن يمد يده لعدو قتل الآلاف وأهان بإرهابه وعدوانه هذا الشعب والاتفاقية المشؤومة تطالب هذا الشعب العظيم أن "يطبع" علاقاته مع هذا العدو وهذا يتنافى مع كرامته ولأنه كذلك فإنه رفض التطبيع مع هذا العدو وشعر أن كرامته مهانة، لأن حكامه يطبعون معه ويستقبلون هذا العدو بالأحضان في القاهرة وشرم الشيخ، وحال لسان كل مصري كان يرى حاكمه المخلوغ حسني مبارك وهو يعانق ويقبل ويستقبل قادة العدو الصهيوني "لقد أهنت كرامتنا يا حسني" لهذا انبثقت حركة "كفاية" وكأن هذا الشعب يقول لهذا الحاكم كفاية ذلاً.. وكفاية إهانة لنا!! وهذا يؤكد أن ثورة مصر ثورة 25 يناير تفجرت لتقول للنظام السابق "كفاية" تفريطاً بالكرامة المصرية.. وتقول أيضا كفاية "بالتفريط" بحقوق مصر وثروات مصر وبيع الغاز المصري بأسعار زهيدة للعدو الصهيوني.. وتقول هذه الثورة "كفاية" تفريطاً باستقلال مصر وسيادتها ويجب أن تمتد هذه السيادة إلى سيناء المحتلة حتى الآن رغم ما يقال إنها محررة، فكيف يدعي النظام السابق أن سيناء محررة والقوات المصرية من جيش وقوات أمن مصرية ممنوع عليها التواجد على ترابها وفق معاهدة كامب ديفيد؟! الشعب المصري ثار من أجل كرامته ومن أجل حريته ومن أجل لقمة عيشه ومن أجل سيادته واستقلاله، وكانت كل هذه المطالب مسلوبة ومغتصبة من النظام وحليفه العدو الصهيوني والأمريكي فلا كرامة مع احتلال سيناء، ولا كرامة والعلم الصهيوني يرفرف فوق القاهرة، ولا كرامة وقادة العدو يسرحون ويمرحون في القاهرة ويستقبلون بالأحضان والقبل ولا كرامة وقوت الشعب المصري يذهب للعدو ولا كرامة والعدو الصهيوني يقتل ويفتك بالجنود المصريين. ولا سيادة والعدو الصهيوني يمنع الجيش المصري من دخول أراضيه في سيناء ولا استقلال وهذا العدو يبسط سيطرته على الحدود الفلسطينية – المصرية ويمنع مصر من فتح معبر رفح أمام الفلسطينيين. هذه الكرامة التي اغتصبها العدو الصهيوني هي التي دفعت شعب مصر العظيم لثورته المجيدة وهي التي فجرت هذه الثورة الخالدة والتي نجحت في خلع من كان يتحالف مع هذا العدو ويهين كرامة هذا الشعب بسلاحه وسلاح حليفه الصهيوني. لهذا لا نستغرب أبداً أن نرى بالأمس شعب الثورة وهو يرفع صور قائد الأمة العربية الراحل جمال عبد الناصر وقد كتب تحتها "رمز الكرامة" و"رمز العزة" في تظاهرة حاشدة أمام السفارة الصهيونية وهي تطالب بطرد السفير الصهيوني وإنزال العلم الصهيوني من سماء القاهرة وإغلاق هذه السفارة ليس رداً على استشهاد أفراد من الجيش المصري بقوات العدو الصهيوني فقط، وإنما لمطلب مهم من مطالب الثورة والتي سارعت فور نجاحها بالمطالبة بطرد السفير الصهيوني وإغلاق هذه السفارة فوراً وجاءت جريمة العدو بقتل سبعة من أفراد القوات المسلحة المصرية لتسرع بوتيرة هذا المطلب الثوري وتنظيف مصر من القاذورات الصهيونية. إن عملية "إيلات" البطولية واستشهاد ضباطنا وجنودنا المصريين جاءت لتؤكد حقيقة حاول النظام المخلوع ومعه أغلب نظامنا الرسمي العربي طمسها وتغييبها عن الشعب العربي بعد أن منحوا هذا العدو أربعين عاماً من الأمن والاستقرار، بل منحوه المزيد من الوقت ليمضي في عدوانه وإرهابه واحتلاله فأقام المستوطنات وقتل وشرد الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني واللبناني وهاهو يقتل أبناء الشعب المصري والسوري والأردني ويستمر في احتلاله ورفضه لكل المشاريع التي روج لها نظامنا الرسمي العربي وهي بمجملها مشاريع استسلامية، لكنه ورغم ذلك رفض هذا الاستسلام. لقد جاءت عملية "إيلات" لتقول لأغلب حكامنا العرب الذين راهنوا على استسلام الشعب العربي، خاصة الشعب المصري إن صراعنا مع هذا العدو صراع "وجود" وليس صراع "حدود" وأن هذه الثورات العربية جاءت لتؤكد هذه الحقيقة لأن صراع "الوجود" مرتبط بالكرامة والحرية والاستقلال والسيادة وهذه هي مطالب الثورات العربية، وعملية "إيلات" وما أفرزته من خروج الشعب المصري للمطالبة بطرد السفير الصهيوني وإغلاق السفارة الصهيونية وإنزال العلم الصهيوني من سماء القاهرة ما هي إلا بشائر انتصار الثورة المصرية.