18 سبتمبر 2025

تسجيل

لهذا تركيا مستهدفة

21 يوليو 2016

في ختام هذه الحلقات حول الأحداث الأخيرة بتركيا، ومحاولة أولية لفهم ما جرى وما يمكن أن يجري بعد ذلك، فإنه يمكن الوصول إلى استنتاج له صلة بالتاريخ وعلاقة الغرب بتركيا.لو تتأمل في تطور الأحداث بتركيا خلال عقود ثلاثة فارطة من الزمن، لوجدت أنها لم تكن سوى دولة متعثرة مثقلة ومكبلة بالديون، غارقة في عديد المشكلات، منها فقدان الأمن والاستقرار في ظل أنظمة حكم عسكرية متقلبة ودموية أحياناً، وكانت دولة ذات بيئة طاردة للبشر قبل الاستثمار، ثم تنهض وتنفض عنها الغبار، لتتحول في عقد من الزمن، إلى دولة دائنة وبيئة جاذبة، ونمو متصاعد، تتفاعل مع المحيط. تتأثر وتؤثر، فتشعر أنت كمراقب للأحداث، كأنما هناك من يزرع بذور دولة مستقبلية ذات قرار واستقرار، وشأن عظيم في قادم الأيام، ضمن محيط متذبذب في الشرق منها، وقد بدأ يبحث عن قراره، ومحيط آخر في الغرب منها قلق ومتوتر، وذاكرته ما زالت تستحضر أمجاد هذه الدولة وتاريخها غير البعيد جداً، واحتمالية أن يعيد التاريخ نفسه مرة أخرى.تركيا بكل اختصار يمكن اعتبارها نواة لمشروع دولة عظمى، وتاريخها السياسي يدعم هذا الأمر، فيما تاريخها العريق المرتبط بالدين الإسلامي والحضارة الإسلامية، كافية جداً لتكون هي كذلك بمثابة الوقود اللازم للدفع بهذا المشروع مرة أخرى للبروز والظهور، وهذا هو عين ما يخشاه الغرب تحديداً، الذي يرى أبعد مما نراه نحن العرب. ولن أكون مبالغاً إن قلت إن هذا هو الهدف الإستراتيجي الذي يعمل على تحقيقه الأتراك، بقيادة الحزب الحاكم الحالي. من هذه المعطيات الأساسية، يمكنك البدء بتحليل وتفسير وفهم تحركات وخطوات هذا الغرب، التي تدور أغلبها ضمن إطار عرقلة هذا المشروع بكل وسيلة، وتأجيله قدر المستطاع، إذ هو لا يرى بأساً أن يضرب بكل مبادئه وقيمه المتعلقة بالديمقراطية وحقوق الإنسان وغيرها، في سبيل وأد هذا المشروع وهو في مراحله الأولى، وكذلك لن يجد بأساً في عمله هذا أن يستخدم أدوات تركية أو حتى من الجوار العربي وغير العربي أيضاً، وهو ما بدت بعض مؤشراته واضحة في الحدث الانقلابي الأخير، وما ستسفر عنه التحقيقات الجارية التي أحسبها ستكون مفاجئة للكثيرين، ولن نقول في ختام هذا الحديث سوى قوله تعالى "والله غالبٌ على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون".