18 سبتمبر 2025
تسجيلما يقوم به الصهاينة في غزة الصامدة منذ أكثر من عشرة أيام، إنما دلائل يومية على همجية ووحشية هذه الدولة التي لا يختلف كثيرون عليها، سوى اللهم بعض من على شاكلتهم في الصهينة الفكرية، عرباً كانوا أم أجانب. آخر همجيتهم، تلك المذبحة التي ارتكبها الجبناء بالأمس، ضد نساء وعجائز وأطفال حي الشجاعية الفقير، بعد أن جن جنونهم وهم يفقدون الواحد تلو الآخر من جنودهم وضباطهم على أيدي كتائب القسام، وبشكل لم يسبق لهم أن فقدوا مثل هذه الأعداد في حروبهم السابقة. أردوغان أصاب في وصف هذه الدولة بدقة وقال إن: "الإسرائيليين ليس لهم ضمير أو شرف أو نخوة.. أولئك الذين ينددون بهتلر ليلاً ونهاراً تخطوا هتلر في الهمجية".هذا هو الوصف القرآني الدقيق لهؤلاء، فهم لا عهد لهم ولا ذمة، ولا يحترمون عهوداً أو مواثيق، وهم أشد الناس عداوة للذين آمنوا.. فليس مستغرباً منهم بالطبع كل تلك الهمجيات، التي يحرصون على أن يظهروا للعالم على العكس من تلك الصورة. العدوان الحالي على غزة زاد في فضح الدولة الصهيونية، وكشفها أمام العالم، الذي لا أظن ولا أتوقع أنه سيتحرك سريعاً، ولا يهمنا هذا بقدر ما يهمنا أولاً أن يتحرك الداخل العربي وعلى المستوى الشعبي بالدرجة الأولى، قبل المستوى الرسمي، فإن ما يبثه صهاينة العرب في الوجدان الشعبي العربي من السموم والمشوهات من الصور، الكثير الكثير، وما لم تتحرك جهة مضادة لتصفية الذهن الشعبي العربي من تلك السموم والصور المشوهة لمعاني المقاومة ومعاني الاحتلال، فأظن أن العدو الصهيوني سيستمر في غيه وعدوانه.لهذا، أجد أن البدء بتوعية وتنبيه وتنقية الوعي الشعبي العربي، ومن ثم الانتقال التدريجي نحو الرسمي فالإقليمي ثم الوصول إلى العالمية، من المهام المطلوبة الآن عند كل من لديه الإمكانية والقدرة في أداء جزء من تلك المهام، من بعد أن شعرنا باقتراب المقاومة في غزة لتحقيق نوع من توازن الرعب العسكري مع العدو، ولاعتقادنا بأن المعركة ليست عسكرية فحسب، بل إعلامية، نفسية، اقتصادية، تربوية وغيرها مجالات. لعل من أبرز المهام المستعجلة حالياً تكمن في محاصرة الفكر المتصهين بالداخل العربي، والفكر المثبط المشكك في الثوابت، والذي يقوم عليه ثلة من إعلاميين وصحافيين ورموز دينية وسياسية، ينتشرون كالجراثيم المعدية من المحيط إلى الخليج.. وكلما تم محاصرتهم وبيان زيفهم، كلما صمد الصف الداخلي وتوحد، واتجهت الجهود إلى المرحلة التالية المتمثلة بالضغط على الحكومات، وهكذا وصولاً إلى المؤسسات والهيئات والدول الفاعلة في القرارات الأممية. الرحلة طويلة شاقة وليست يسيرة، لكنها في كل الأحوال ليست مستحيلة. هذا العدوان الصهيوني الهمجي الحالي، فرصة لابد من استثمارها في المعركة الأطول معه، معركة نحو إنهائه أو إزالة هذا الورم السرطاني الخبيث في جسد الأمة.. وما ذلك على الله بعزيز.