18 سبتمبر 2025

تسجيل

مسؤولية هيئة الأسواق في تطوير بورصة قطر

21 يوليو 2013

تحدثت في سلسلة المقالات السابقة عن ملامح التشكيل الوزاري في قطر والحاجة إلى تفعيل الدور الحكومي من أجل تنشيط قطاع الأعمال. وبالنظر إلى أن التوقعات الرسمية الواردة في الخطة الإستراتيجية تعول على مساهمات قوية من القطاعات غير الهيدروكربونية لتحقيق نمو اقتصادي مستدام، فقد وجدت من المناسب في المقال السابق التشديد على أهمية الدور المطلوب من وزارتي الاقتصاد والتجارة، والطاقة والصناعة، في تفهم احتياجات رجال الأعمال بما يحقق الآمال والتطلعات المنشودة منهم. ولأن بورصة الأسهم في أي بلد هي مرآة للوضع الاقتصادي فيه، لذا فإن الأنظار ستظل مركزة في الشهور القادمة على تحركات مجاميع البورصة المختلفة خاصة مؤشرها العام والمؤشرات القطاعية، وإجمالي التداولات، والرسملة الكلية، وعدد الشركات المدرجة في البورصة. وبقدر ما تنتعش هذه المجاميع وتتحرك، بقدر ما يكون ذلك دالاً على نمو الاقتصاد المحلي غير الهيدروكربوني، والعكس صحيح. وعلى مدى السنوات الخمس الماضية كان عدد الشركات المدرجة في البورصة في تراجع ثم استقر عند مستوى 42 شركة، في الوقت الذي نمت فيه أعداد الشركات المدرجة في بورصات دول مجلس التعاون بشكل ملحوظ. وخلال الشهور الماضية سادت توقعات كثيرة بقرب طرح أسهم شركات جديدة أهمها شركة الدوحة للاستثمار العالمي، فضلاً عن مشاريع لإدراج أسهم شركات قائمة في مقدمتها بنك بروة وبنك قطر الأول، وغيرها.. واستعد الناس لهذا التحول المهم، وحشد الكثير منهم ما يستطيع للاكتتاب في بعضها على الأقل سواء بالاقتراض أو ببيع ما يملك. إلا أن الأيام مرت والمواعيد قد تأجلت دون أن تبدو في الأفق بشائر مرتقبة خاصة أن موسم الصيف قد بدأ فعلياً ومعه موسم العبادة في رمضان. وفي حين ارتفعت حرارة أداء البورصة على وقع أنباء الاكتتابات والإدراجات المتوقعة في الفترة ما بين أبريل إلى يونيو، فإن تلاشي الأخبار عنها في الأسابيع الأخيرة قد أعاد الوهن إلى تداولات البورصة، وإذا بها تنخفض إلى أقل من مليار ريال أسبوعياً بعد أن وصلت إلى أكثر من ثلاثة مليارات في أحد أسابيع الانتعاش. كما أن مجمل تداولات الوسطاء في 6 شهور حتى نهاية يونيو قد انخفض عن الفترة المناظرة لها في عام 2012 بنسبة 2.1% إلى 75 مليار ريال. وهذه العودة للجمود في واحد من أهم مجاميع البورصة قد انعكس بدوره سلبياً على المؤشر العام فتوقف اندفاعه إلى أعلى. كما تراجعت المؤشرات القطاعية وغيرها. والأمر بحاجة إلى مراجعة من جهات الاختصاص وفي مقدمتها هيئة قطر للأسواق المالية التي هي بموجب قانونها الجهة المعنية بتوعية الجمهور بنشاط البورصة، وفي تشجيع الاستثمار فيها بكل الوسائل الممكنة. وكما أن السياسة النقدية للمصرف المركزي توصف بأنها تيسيرية أو تضيقية بحسب مقتضيات الحال، فإن سياسة الهيئة يجب أن تكون كذلك بما يتناسب مع واقع الحال، ولكن ما نراه منذ تأسيس الهيئة أنها مارست الجانب التضييقي الذي كان مناسباً ومطلوباً في سنوات الأزمة المالية العالمية 2008-2010، ولكنه لم يعد كذلك بأي حال من الأحوال.. وعليه فإن تشريعاتها التي جاء معظمها في سنوات الأزمة قد تكون بحاجة إلى مراجعة لإعطاء دفعة قوية لوضع البورصة القطرية في ظل توجهات جديدة للعهد الجديد. وفي المقابل ترى الهيئة أنها أنجزت العديد من التشريعات منذ عام 2010 منها: قواعد طرح وإدراج الصكوك والسندات- نظام طرح وإدراج الأوراق المالية في سوق الشركات الناشئة- معايير الدخول المكفول إلى السوق- نشاط مزود السيولة- قواعد إدراج وحدات صناديق الاستثمار- نشاط إقراض واقتراض الأوراق المالية- معايير الملاءة المالية لشركات الخدمات المالية- نظام حوكمة الشركات في السوق الثانية. فلماذا لم تعمل هذه التشريعات على تغيير المشهد العام للبورصة؟ هذا ما سنحاول مناقشته في مقال آخر بحول الله.