16 سبتمبر 2025

تسجيل

"النمر" حالة تخبو أمام شعور العامة بالوطن ومعطياته

21 يوليو 2012

مثلما كان عبث فلول تنظيم القاعدة في السعودية وممارساتهم الإرهابية على أرض الواقع محل استهجان واحتقار من المجتمع السعودي كافة بكل فئاته وطوائفه فقد استهدفت الأمنيين والمستأمنين بل إن بعض أهالي المغرر بهم كانوا هم من يذهبون بهم إلى السلطة لتسليم أنفسهم وهناك من تبرأ أمام الملا من ابنه أو قريبه بسبب اعتناقه هذا الفكر الضال الذي أصاب المجتمع في أمنه وعقيدته وقوبل بالتحريم والتجريم وفق الفتاوى الصادرة. أقول إن المجتمع السعودي كافة كان يستنكر شغب أولئك الفلول المحسوبين ضمناً على مذهب أهل السنة المذهب الرسمي للدولة والغالبية العظمى لسكانها الذين يتحرزون من شغبهم بالالتفاف نحو القيادة والعمل معها يداً بيد حتى غدت تلك الظروف في أقل حالاتها الآن بل لم تعد تذكر أيضاً وفق تماسك المجتمع وسعيه العام لتجفيف منابع هذا الفكر واستئصال ما تطاول منه وفتح محاور التفاهم والحوار والمناصحة. لذلك عندما اعتقل نمر باقر النمر وهو خطيب أحد المساجد في بلدة العوامية شرق القطيف والتي يمثل الإخوة الشيعة غالبية سكانها لم تكن مشاعر الغالبية من الإخوة الشيعة تتعاطف مع النمر عكساً لما كان متوقعا كردة فعل عند اعتقاله والذي جاء متأخراً وفقاً لانطباع ساد بين الناس عموماً من سنة أو شيعة بأن الرجل من على منبره قد تمادى وأوغل في التنحي جانباً عن خصائص المنبر ودوره الاجتماعي والفكري وراح يخوض في أمور ليست بذات صلة بموقعة بل كان التحريض واستغلال العقول الناشئة هو الهدف والديدن الذي يوظف له طاقته ومخزن عباراته الطائفية حيث تعلم الرجل في قم التي ذهب إليها عام 1400هـ وهو نفس العام الذي واجهت فيه البلاد ظروفا مشابهة في القطيف بعد قيام الثورة الإيرانية مباشرة عام 1979م ويبدو أن الرجل ظل يختزن ملامح الحدث طويلاً دون أن يحسب للنتائج ومعطيات المحيط من حوله حساب فظل ينادي بانقسام المنطقة الشرقية من السعودية راسماً لها الحدود والمسميات متناسياً أن جل سكان المنطقة هم من أهل السنة بل إن غالبية الشيعة لا يوافقون النمر في رأيه بل ويستهجنون مثل هذا القول والتصرف الذي لم يرتكن سوى على وسائل الإعلام الحديث في توسيع نطاق المعرفة بالفكرة دون أن يكون لها قاعدة أو أدنى تعاطف على أرض الواقع. أيضاً كان الرجل يُحمل الأحداث ما لا تحتمل كما فعل في حادث البقيع في المدينة المنورة بل كان للرجل أيادي مؤيدة ومنفذة في الوقت نفسه تتناغم مع طموحه لذلك كان هو رأس الفتنة كما أسمته الصحافة السعودية والمحرك الأول لأحداث العوامية التي أخذت تتصاعد تبعاً لمجريات الأحداث في سوريا والبحرين وحالات الضغط العالمي على إيران بسبب مواقفها وبرامجها ولا أدل على ذلك سوى الأخذ بالتصريح الروسي المنتقد لحقوق الإنسان والحريات في السعودية بعد محاولات استهداف الأمن ومراكز الشرطة والمحكمة العامة في القطيف عقب اعتقال النمر حيث يقرأ في ثنايا التصريح وصياغته رائحة التشفي وردة الفعل دونما أن تتحقق الخارجية الروسية من حقيقة الموقف وظروف الرد الرسمي السعودي على تلك المحاولات الصبيانية البائسة في شكلها ومضمونها. فقد بث مؤيدو النمر وهم قلة طبعاً رسائل هاتفية يهددون فيها باستهداف رجال الأمن ومراكز الشرطة وحتى آبار النفط في محاولة لاستفزاز العالم أجمع وقد حددوا مساء الجمعة قبل الماضي موعداً لتنفيذ خططهم. ومن شكل تلك الرسائل وطريقة بثها تبدو الحالة السطحية التي لازمت النمر وأعوانه قبل وبعد اعتقاله متناسين أن تلك الأساليب تبعث مع مضمونها إشارات عن مجمل الحالة النفسية لأي تنظيم وظروفه. وحيث إن معول الهدم والخراب واحد أياً كان بيده. فكان السعوديون كعادتهم في التعاطي مع الأحداث السابقة أكثر لحمة وأكثر إصراراً على المواجهة والتحدي فتلك ظروف أمن وطن بحدوده ومقدراته وما يوفره لأهله من رعاية وعناية متنوعة تشمل الجميع لا يمكن التفريط فيها أو المساومة عليها أو حتى مجرد التمايز بينها وبين ملامح شعور مخادع كما يحمله فكر النمر الذي ظل طويلاً محرضاً وراسماً بخياله للعامة الجهلاء من حوله ملامح جنة قادمة بعد الانفصال فإذا الرد السعودي العام ومن كل الطوائف شيعة وسنة هو الاستنكار لهذه الأفكار والأفعال والنبذ الشديد لها. فهي حالات ستمحيها الأيام طالما ظلت لا تمثل عقلا ولا فكرا ولا تحمل للناس سوى الخراب والدمار لما هم فيه من أمن واستقرار. لذلك لم يكن للاستنكار الروسي صدى أو معنى ولن يجد النمر في معتقله سوى الرعاية للحقوق فاعتقاله صيانة له من شرور نفسه وصيانة للوطن من عبث العابثين.