17 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); سواء صحت الرسالة التي قيل إن المرشد العام للإخوان المسلمين محمد بديع بعث بها من داخل سجنه أم لم تصح، فإن المضمون الذي تناقلته وسائل الإعلام يتطابق مع رؤية بديع وجماعته، ويتناغم مع الهتاف في ميدان رابعة العدوية "سلميتنا أقوى من الرصاص".المنهج السلمي ورفض استخدام العنف هو منهج أصيل في أدبيات جماعة الإخوان المسلمين منذ نشأتها عام 1928 وحتى يومنا هذا، سواء في مصر أو في الأقطار العربية والإسلامية التي انتشر فيها فكر حسن البنا ومنهج دعوته. ولعلّ التمسك بهذا المنهج هو الذي أدى في محطات كثيرة لخروج أفراد من صفوف الإخوان، الذين لم يتحملوا تبعات السلمية فجنحوا نحو العنف والمواجهة المسلحة.حصد الإخوان المسلمون في مصر عقب ثورة يناير 2011 ثمار أكثر من ثمانين عاماً من العمل والدعوة والجهد والتضحية، بعدما نجحوا في بناء أرضية شعبية صلبة عجزت الأنظمة التي توالت على حكم مصر عن هدمها أو التأثير عليها. ولعلّ النتائج التي حققها الإخوان في الانتخابات التشريعية وبعدها انتخابات مجلس الشورى وبعدها الانتخابات الرئاسية مؤشر واضح على حجم الثقة التي أولاها الشعب المصري لهذه الجماعة. لكن وكما كشفت الأيام، عاد الفساد المعشعش في أجهزة الدولة وإداراتها بقيادة الجيش لتنفيذ انقلاب دموي تسبب بمقتل آلاف المصريين واعتقال عشرات الآلاف.اليوم تتعرض جماعة الإخوان المسلمين في مصر لحملة إبادة معلنة، يقودها نظام وصل على جثث المصريين، بتواطؤ -أو أقله- بتغاض وصمت عربي وعالمي مريب، لايقطعه إلا المواقف التي تصدر عن قطر وتركيا اللتين تؤكدان في كل مناسبة على ضرورة وقف العنف والكيدية التي يمارسها النظام بحق جماعة الإخوان. فالنظام لم يكتفِ بتنفيذ انقلابه والاستيلاء على السلطة، والإطاحة بالديمقراطية وسحق خيار الشعب المصري، وارتكاب مجزرة ميدان رابعة، والزجّ بآلاف المصريين في السجون وتعذيبهم، بل إنه يواصل جرائمه بإصدار أحكام قضائية بإعدام قادة وكوادر جماعة الإخوان.في ظل ما يتعرض له الإخوان، بدأ بعض المخلصين من أبناء هذه الجماعة بطرح أسئلة تحتاج من يجيب عنها من قيادة الجماعة، فتبقى أسئلة تائهة لأن القيادة إما منفية خارج مصر أو زُجّ بمعظمهم في السجون يواجهون أحكام الإعدام أو السجن المؤبد. يتساءل كثيرون من أبناء الجماعة: هل مازالت سلميتنا أقوى من الرصاص؟ بماذا أفادت السلمية في ظل استمرار النظام بارتكاب أعمال القتل والتعذيب وإصدار أحكام الإعدام؟ أليس من حقنا أن ندافع عن أنفسنا ونواجه من يقتلنا ويزجّ بنا في السجون ظلماً وعدواناً؟ ماهي مهمة السيفين الموجودين على شعار الإخوان إذا لم يُستخدما لرفع الظلم والدفاع عن الحق؟ هل تقتصر مهمتهما فقط على مواجهة العدو الإسرائيلي والمحتل الأجنبي؟ ألم يرتكب النظام بحق المصريين أعمال قتل وبطش وتعذيب زادت عما ارتكبه العدو الإسرائيلي والاحتلال البريطاني؟ ألسنا بشر يحق لنا أن نثأر لكرامتنا وأعراضنا وأن نواجه من يسيء إلينا؟ ألا يساهم تمسكنا بالسلمية بتشجيع النظام لارتكاب المزيد من أعمال القتل والظلم طالما أنه لايواجه مقاومة؟ ألم تساهم السلمية في تجرؤ سخفاء القوم على جماعة الإخوان وتشويه صورتها في وسائل الإعلام والاستهزاء بها؟ هل قدَر الجماعة أن تظل تعاني بطش الأنظمة وتشويه الإعلام والتعرض للتنكيل والقتل والاعتقال والتعذيب؟ هل قدر أبنائها أن يبقوا في السجون وتكون حريتهم محطة فاصلة بين اعتقال واعتقال؟ هل قدرهم حين يتلقوا الصفعة على خدهم الأيمن أن يديروا خدهم الأيسر رافضين استخدام وسائل متاحة بين أيديهم للدفاع عن أنفسهم ورد الظلم الذي يصيبهم؟."سلميتنا أقوى من الرصاص" منهج تربى عليه أبناء الإخوان المسلمين ليكون طريقهم لدخول الجنة، لكنه يدخلهم كذلك في نفق لا تبدو له نهاية من الانكسار والإحباط والقهر. ألا يمكن دخول الجنة إلا حين يكون المرء مظلوماً مقهوراً منكسراً؟ لماذا الخيار دائماً بين السلمية والعنف؟ ألا يوجد طريق آخر يحفظ الجماعة وأبناءها وبناءها ويجعل الآخرين يهابونها ولايتجرأون عليها؟ ألا يستحق الظلم والبطش وأحكام الإعدام التي تصدر بحق قيادات وكوادر الإخوان أن تتم إعادة النظر بمنهج "سلميتنا أقوى من الرصاص"؟ إذا كانت الأحكام الشرعية تتغير بتغير الظروف والأحوال، ألا يستحق منهج السلمية إعادة التفكير في جدواه؟ ربما بعد الموازنة بين المصلحة والمفسدة يتم التمسك بمنهج السلمية مجدداً، لكن الأمر يستحق عناء المحاولة، فلا تكون السلمية مجرد تراث ومنهج نشأت عليه جماعة الإخوان ولرفض إعادة النظر فيه.