18 سبتمبر 2025

تسجيل

الجزائر والتحديات الراهنة

21 يونيو 2013

الكل يعرف أهمية الجزائر في دول المغرب العربي وموقعها الاستراتيجي، والصراع الفرنسي الأمريكي حول هذا البلد الغني بثروات الغاز والبترول وغيرهما، وكان لأحداث مالي أثر كبير على موقع الجزائر قرب هذا  البلد المليء باليورانيوم وظهور الجماعات الإرهابية، كما أن جوار الجزائر لدولتين من دول الربيع هما تونس وليبيا قد جعلتها تتنفس الصعداء والمجتمع الجزائري كما يعرف الجميع مليء بالكثير من المخاطر من المتطرفين والجماعات المسلحة، وكذلك من النزاعات بين أطراف الساسة والعسكر، إضافة إلى التركيبة العرقية لهذا البلد. ولكن خروج الجزائر من صراعات مالي وعدم الانجرار إليها إضافة إلى احتواء الصراعات مع الجماعات المسلحة والخلافات جعلت الناس يتساءلون عن مستقبل هذا البلد وبالأخص في حالة مرض الرئيس الذي هو توافقي لجميع الأطراف كمدني وصاحب تجربة، لا يختلف أحد على أن قيام بعض الجهات بالانشغال بالأخبار عن حالة الرئيس الصحية لم تعجب الكثير، فهي لا تعبر عن أي مشاعر إنسانية فهو في الأخير مواطن وبشر وفي حالة المرض لا يجوز إلا الدعاء مهما كان هذا الإنسان، فأخلاقنا وديننا يأمراننا بذلك، ولكن الشيء المهم هو أن يفكر الجزائريون في رسم مستقبل بلدهم بعقلانية ويتجهوا لبناء مستقبلها، لأن أي صراع سيكون كارثة على الجميع، ما نراه من البطالة وظروف المجتمع والشباب وتوجههم للهجرة وعدم تحصينهم جعل الكثير منهم ضحايا للجماعات المتطرفة من السلفيين الجهاديين ومن الجماعات الموالية لإيران، إضافة للجماعات المتطرفة من العرقيين حول الأمازيغية الذين تحركهم فرنسا التي تحرص على الإبقاء على الجزائر تحت السيطرة، لأن فرنسا إلى اليوم ترفض ترك مستعمراتها فهي لا تزال تلعب بأوراق كثيرة في هذه البلدان، وعندما دخلت أمريكا على الخط أيضاً لمصالحها أصبحت الجزائر محط اهتمام الدول الكبرى لأجل الشركات والمصالح الطامعة في ثرواتها، وهويتها العربية الإسلامية. مما يثير المخاوف هو هذه الجماعات المتطرفة بجهل كردة فعل وهي صورة غير مشرفة لبلد له تاريخ إسلامي ووطني حيث إن هؤلاء وهم في بلاد الغرب قد أساءوا لأمتهم وأصبحوا أداء لنشر أفكار منحرفة من تطرف الجهاديين إلى الشيعة الموالين لإيران والسبب الفراغ الفكري والعقائدي والتربوي. إن العقلاء في الجزائر يجب أن يغلبوا لغة العقل على الظروف الحالية لحماية البلاد ويعتبروا بما يجري في العراق وسوريا وغيرهما وما يرونه في مالي وأن يفكروا بمصلحة شعبهم وأمتهم مما يستدعي التوافق بين جبهة التحرير والأحزاب الأخرى لعمل مشترك، والحديث عن تعديل الدستور والانتخابات كل هذا يمكن طرحه في مائدة الحوار، والمطلوب من الحزب الحاكم، وهو حزب له تاريخه العريق في التحرير وتاريخ الجزائر، أن يقدم بعض التنازلات لصالح الجزائر بدعوة الأحزاب والشخصيات المهمة للحوار لعمل مشترك لتجنيب البلاد أي فتنة وصراع قد لا يكون لصالح البلاد وجميع الفئات وإنما سيكون كارثة كبرى على البلاد، ليفكر هؤلاء جميعاً أن التاريخ سيسجل لهم صفحات مشرقة إذا قدموا حب الجزائر على مصالحهم وحب السلطة. ولذا فإن الجزائر التي تواجه أخطاراً من الداخل والخارج، فمن الداخل الجماعات المتطرفة دينياً من الجهاديين ودعاة العنف والتطرف وكذلك من الجماعة العنصرية المتأثرة بفرنسا والتي تريد مسح هوية الجزائر الإسلامية ومسخها للفرانكفونية، بالإضافة لمشاكل السكان وتكاثرهم والخدمات وتحصين الشباب والبطالة. الواجب في الجزائر أن يقرر الجميع اللقاء ومناقشة قضايا البلاد من جميع جوانبها وإشراك الجميع في الحوار ورفض استخدام العنف وإصلاحات سياسية واقتصادية، وأتمنى أن تبادر جبهة التحرير الوطني لتبني ذلك وتحمل راية التغيير وتحافظ على الجيش وحياده عن السياسة وتجمع الأحزاب وتساعد في انتخابات وطنية نزيهة، واعتقد أن العقلاء سيفكرون ببلادهم وسيقدمونها على ذاتهم وسيستفيدون مما يجري حولهم إذا أرادوا الخير لأمتهم ولبناء جيل منتج وتتحول الجزائر لدولة صناعية زراعية تبني وتنتج وتتبنى التنمية الذاتية وتحل مشاكلها مع جيرانها بالأخوة وتعود لدورها العربي والإسلامي في ظل أخوة ومحبة الجزائر للجميع شعب مسلم وإلى العروبة ينتمي، الجزائر عزيز على قلوب المسلمين والعرب فهي البلاد لا ينساها الجميع ولكن لا نريد من الجزائر أن تسجن نفسها في التطرف والفرانكفونية وهيمنة العسكر وأن يضيع شبابها بين المتطرفين ودعاة الإجرام وأطماع إيران في الجزائر وفي ثرواتها وألا تعود إليها قوى الاستعمار من الشباك بعد أن خرجت من الباب، ننتظر عودة الجزائر لتلعب دوراً مغاربياً وتؤدي دورها في الساحل وتنمي مشاريعها الاقتصادية وتؤدي قيادتها دوراً وطنياً عربياً كما كانت تخدم قضايا العرب والمسلمين. الجزائر أثبتت أمام محاولات طمس هويتها إنها عربية مسلمة وأنجبت عبدالقادر الجزائري وأنجبت بن باديس وأبطال وشهداء الملايين ومازالت تنجب رجال ونساء أمثال عبدالقادر عياض وخديجة بنت قنه ومريم أوشايت وعباس مدني وغيرهم من أهل الثقافة والفكر، نأمل أن نراها اليوم تلعب دورها وعندها خير كثير وهذا الخيار بيد أهلها وقادتها إن أرادوا ذلك.