12 ديسمبر 2025
تسجيلفي سياق التعليق على أحكام القضاء المصري الغاشم بإعدام قادة الإخوان والرئيس مرسي، يتجادل بعض الإخوة حول مدى تحمل الإخوان مسؤولية ما يقع عليهم ويجتهد بعض من لا نشك في إخلاصهم في تحميلهم هذه المسؤولية.. وفي هذا السياق أقول:1- لا تقعوا في الخطأ الجوهري، بل أسوأ الخطأ، فتنظروا للأحكام في إطار أخطاء الإخوان والثوار أو سذاجة الشعب أو خوفه.. إلخ.. فالأحكام تأتي في إطار واحد هو جرائم انقلاب عسكري يتأله على شعبه ويعسكر الدولة ضده ويقمع الحريات بالتآمر مع أعداء الوطن .. وأي تقبل لسياق آخر للأحداث هو انقلاب على الذات وجلد للنفس وتبرئة للمجرم الحقيقي.2- البحث عن أخطاء الإخوان والرئيس المظلوم والاجتهاد في استقصائها حال وقوع الظلم عليهم والعصف بهم هو نوع من الانحياز للظالم والتبرير لما يقع في وقت يجب أن يتضامن المظلومون في صعيد واحد لمواجهة الانقلاب الذي إن بدأ بالإخوان فلن يقف عندهم، والذي انقلابه الأساسي على اختيارات الشعب المصري .. وقديما قيل: (أنقذني أولا ثم لمني ).3- لا يقبل الكلام عن أخطاء الإخوان ومرسي بعد أن خرج علينا ألوية في الجيش وقادة أجهزة استخبارات يعترفون بأنهم كانوا يقدمون لمرسي تقارير كاذبة ، وبعد أن اعترف وزير داخلية الانقلاب السابق بأنه كان لا ينفذ أوامر مرسي .. وبعد التسريبات التي أثبتت أن الانقلاب لم يبدأ يوم 30 / 6 ولا يوم 3 / 7 ولكن منذ اليوم الأول بعد الثورة ..4- وأنتم تنظرون أخطاء الإخوان وتحصون الرئيس مرسي وتجتهدون في إدانته ، لا تنسوا أمورا أساسية كي تقولوا الحق ولا يحملكم شنآن الإخوان على ألا تعدلوا: - لا تنسوا أن الحكم وإن كان على رأسه الإخوان ومرسي فإن كثيرين من غير الإخوان كانوا يشاركون فيه.- وإذا اتجهتم لاتهام مرسي بعدم الخبرة فتذكروا أنه كان في طاقمه الرئاسي من لهم خبرات طويلة من مستشارين ومساعدين.- وحتى عدم الخبرة فهل هي جريمة في دولة ثوار يحكمون لأول مرة بل ولأول مرة يدخلون قصور الرئاسة أو يقتربون منها .- ولا تبالغوا في وصف إمكانات الرئيس أو أنه أهدرها، فقد كان رئيسا مقيدا متآمَرا عليه مستنفذا ومستهلَكا في النزاعات المربكة والمتوالية .- لا تتجاهلوا إنجازات الرئيس مرسي رغم كل المعيقات مقارنة بإفشال الانقلاب رغم كل الدعوم التي تلقاها ولا يزال يتلقاها.- ولا تتجاهلوا أن الكثير من أنصار الثورة تخلوا عن مرسي ومنهم من تآمر على الإخوان وعلى الثورة ذاتها في مرحلة ما وبالتتابع بما يربك أي رئيس حتى لو كان مخضرما.- ولا تنسوا أن خصم مرسي والإخوان كان الجيش والأجهزة والدولة العميقة والمحكمة الدستورية والإعلام والأحزاب العلمانية والقومية واليسارية وللأسف بعض الإسلاميين والأزهر والخارج والداخل.. بالتالي فلا تتوقعوا أن ينتصر عليهم بالسهولة التي تتوهمون . - وأما مدح مرسي للجيش وقصور يده في إجراء تغييرات أساسية فيه وفي أجهزة الدولة ووزاراتها ، وكذا عدم نزول الإخوان في مظاهرات ضد المجلس العسكري كان نوعا من (تقاة اللسان) وتجنبا للانجرار إلى صدام عمل المجلس العسكري على إحداثه كثيرا لإعطاء المبرر للانقلاب .. وإذن فهي محاولة لتجاوز مرحلة انتقالية في سبيل استباق الانقلاب ولإتمام مؤسسات الدولة الثورية.- أما تعيين السيسي، فيخطئ من لا يعلم أن المجلس العسكري هو الذي اختاره وليس مرسي فالدستور يعطي الرئيس حق إقالة رئيس المجلس العسكري ولكنه لا يعطيه حق تعيين البديل .. إلا مصدقا على اختيار المجلس لرئيسه .. من هنا فإنه يحسب لمرسي أنه أزاح الطاغوت الأكبر الفلولي - سيد طنطاوي .. ولا يحمل مسؤولية تعيين السيسي، فضلا عن أن هذا المنافق لم يكن معروفا بما هو معروف به اليوم .. 5- وعلى ما سبق، فإن ما يعتبر أخطاء لمرسي والإخوان هو في حقيقته إنجازات.. وأن بقاء مرسي في الرئاسة لسنة كاملة هو انتصار يسجل له وللإخوان عبر تاريخ مصر بطوله وعرضه.. ولو كان غير مرسي وغير الإخوان في هذا الموقع لسقط وانهار في أيام .. 6- قد يقال فلماذا قبل الإخوان بالحكم ما دامت هذه ظروف مصر وهذه قدرة الإخوان؟.* هنا الكلام في نقطتين: - إن الإخوان فوجئوا بالثورة ولم يكن من المنطقي ولا من الشرف أن يتخلوا عنها وهم الذين عملوا لها عشرات السنين ودافعوا عنها وثبتوها في أقسى لحظاتها، خصوصا بعد أن اختارهم الشعب لقيادتها.- إن البديل عن تقبل الإخوان للحكم كان أن تفشل الثورة ويعود حسني الفاسد والعدلي القاتل منذ اليوم الأول وليس بعد سنة ، أو أن تدخل مصر في فراغ وفوضى وعبث يضيّع كل شيء.. من هنا فقد قبل الإخوان وضحوا بمكتسبات تاريخية ووضعوا أنفسهم في وجه العاصفة، بل الإعصار، وهم اليوم يدفعون دماءهم وأرواحهم في سبيل مبادئهم ووطنيتهم.. وحتى لو كان قبولهم بالحكم لطمعهم في الوصول للرئاسة فما الضير في ذلك وهم لا يريدونه لذات أنفسهم ولا شهوة التسيد على مصر ولا للبس البذلات وربط الكرافتات.. ولكن ليحققوا ما تربوا على تمنيه من حكم الشريعة ومنع الفساد .. آخر القول: إن أستغرب فإنما أستغرب ممن جربوا الإخوان ورأوا إخلاصهم وثبات مبادئهم، وحنكة إدارتهم لدولة بحجم وظروف مصر ثم يرفع أحدهم اليوم عقيرته متكئا على أريكته اليوم يقول: أخطأ الإخوان في هذا وقصروا في ذاك، شامتا بهم ومرددا أكاذيب الانقلاب.