18 سبتمبر 2025

تسجيل

تفجيرات بوسطن ومشاعر السعوديين

21 أبريل 2013

تنفس السعوديون الصعداء بعد الأنباء التي نفت شبهات الاتهام حول المبتعث السعودي الذي أصيب في تفجيرات ماراثون بوسطن الأسبوع الماضي ودارت حوله شبهات الضلوع في ذلك التفجير حسبما تناقلته بشكل سريع صحيفة الواشنطن بوست ربما لخلفية المشاركة الكثيفة للسعوديين في أحداث 11 سبتمبر وهو ما كان سيجر علاقات البلدين إلى مربع التوتر والخلافات التي ستفضي إلى ما لا يحمد عقباه. سوى أن تحقيقات جهاز الـ FBI المكثفة واستعانتها بأوسع التقنيات وكاميرات الرصد والتصوير حولت الاتجاه إلى الشابين الشقيقين سماييف من ذوي الجنسية الشيشانية وقال ذويهما إنهما من المغرر بهم دون أن تكشف التحقيقات من وراء تجنيدهما للوصول إلى هذا المستوى من التطرف الذي يستهدف الأبرياء وإثارة الذعر في الولايات المتحدة. عموماً السعوديون كافة اطمئنوا لهذه النتيجة التي تبرئ ساحتهم حسبما ظهر في مجالسهم ووسائل الاتصال بعد سلسلة الاتهامات والملاحقات والتشديد عليهم في المطارات الدولية خاصة في مطارات الولايات المتحدة رغم جملة الجهود الرسمية والشعبية التي بذلت من السعوديين لتجاوز تلك الحالة المزعجة والتي عطلت الكثير من عرى التواصل والفهم في العلاقة بين الشعبين والبلدين بعد اهتزاز الثقة بينهما إثر سقوط برجي التجارة في نيويورك والتحول الكبير في المزاج العالمي عموماً الذي بدل كثيراً في ملامح السياسة الأمريكية تجاه المنطقة وجيش جيوشها نحو أفغانستان ثم العراق. بل وصنع ذلك الاستهداف جملة معايير جديدة في الخطاب السيادي الأمريكي الذي ركز على مفاصل مهمة في أيدلوجيات الأمة وفروعها ومذاهبها. فصار أن قلبت الموازين وأصبح للعالم بعد 11 سبتمبر ملامح جديدة لذلك كانت مهمة السعوديين صعبة وهم من غرر بشبابهم ليكونوا العضلات في عملية 11 سبتمبر في استهداف واضح من المدبرين للعلاقات التاريخية بين السعودية والولايات المتحدة والتي تتضمن جملة محاور ومصالح واتفاقيات عديدة. بل وضعت تلك الحادثة العلاقات على المحك سوى أن السعوديين استطاعوا نزع فتيل التوتر بجملة من التدابير الداخلية وذات العلاقة بنوعية وحجم العلاقة مع الولايات المتحدة وفي جانب حرج يتداخل مع ثقافة المجتمع السعودي وميوله باعتباره البلد الإسلامي الأكبر حضوراً ومكانة ولكن عقلانية الفكر الوسطي التي تنبذ التطرف والعدوانية هي السائدة رغم حالات الامتعاض والممارسة العلنية التي انتهجها البعض وفق عمومية الخطاب وثقافة المجتمع التي تدرك ضرورة الأخذ بتوازنات القوى وفق جملة محددات شرعية ينادي بها دعاة معتدلون ينبذون التطرف والاعتداء بالعموم وينادون بالحوار والعمل المشترك. بل ويثق معظم السعوديين أن جهود خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وزياراته المتكررة للولايات المتحدة ومواقفه جنبت البلاد ويلات التهور الأمريكي بل وحافظت تلك الجهود على توازنات حذرة في تلك العلاقة العريقة التي تظل محل استهداف لجماعات وأفراد يطيب لهم جميعاً النيل من السعودية كلما سنحت لهم الظروف كما في حادثة بوسطن الأخيرة حيث كانت الظروف مواتية للصق التهمة في السعوديين وهم عشرات الآلاف الآن يدرسون في جامعات الولايات المتحدة عبر برنامج الملك عبدالله للابتعاث والذي تنال الجامعات الأمريكية النصيب الأوفر منه. وحيث تذهب الشبهة في التفجيرات الأخيرة بعيداً عن السعوديين إلا أنها تظل تبعاً لجنسيات المتهمين ملحقة بالمسلمين ربما لسيناريو جديد في طبيعة الفكر وأيدلوجيات الشعوب تتحملها العلاقات بين الشيشان والولايات المتحدة والتي تنفي فيها الشيشان علاقتها المباشرة. سوى أن الحادثة تفتح ملفات جديدة في طبيعة علاقات الولايات المتحدة ومواقفها في الكثير من الأحداث العالمية.