18 سبتمبر 2025
تسجيلغدا الأحد يذهب الفرنسيون إلى صناديق الاقتراع في جولة أولى لاختيار الرئيس الفرنسي الجديد. من المؤكد أن أحدا من المرشحين لن ينال الخمسين في المئة من أصوات الناخبين في الدورة الأولى.لذا فسوف يبقى الخيار الحاسم للناخب الفرنسي إلى الدورة الثانية في السادس من مايو حيث سيفوز من سينال النسبة الأكبر من الأصوات. تلوح الفرصة للمرة الأولى منذ سنوات لإنهاء عهد اليمين الفرنسي في الرئاسة.استطلاعات الرأي لا تزال تعطي تراجعا لشعبية الرئيس الحالي نيقولا ساركوزي في الدورة الأولى إلى حدود الـ 14 في المئة فيما يتقدمه المرشح الاشتراكي فرانسوا هولاند الذي تعطيه الاستطلاعات 29 في المئة. بيضة القضبان ستكون الأصوات التي سينالها المرشحون الآخرون الذين لن ينتقلوا إلى الدورة الثانية لكن ستكون مواقفهم حاسمة في نجاح ساركوزي او هولاند. الظاهرة الأقوى في هذه الانتخابات هي تصاعد أصوات اليسار في ما يعرف بجبهة اليسار.كذلك لا يزال المرشح فرانسوا بايرو اليميني- الوسطي يحافظ على نسبة أصوات معقولة جدا تقارب الـ 11 في المئة كما أن مرشحة اليمين المتشدد مارين لوبين تحرز نسبة عالية تصل إلى 16 في المئة وربما أكثر. استطلاعات الدورة الثانية تكاد تحسم النتيجة لصالح هولاند إذ تعطيه حوالي 56-58 في المئة مقابل 42 لساركوزي. تراقب تركيا الانتخابات الرئاسية الفرنسية باهتمام.فترة ساركوزي كانت سيئة لتركيا.جمع بين البلدين فقط العداء لسوريا في مرحلة الثورات العربية.لكن هذه الثورات أيضاً فرقت بينهما. والنموذج الليبي كان مرآة مكبرة لفضيحة التنافس بين البلدين في المتوسط وفي شمال إفريقيا. وصول الإسلاميين إلى السلطة في تونس كان تعزيزا للنفوذ التركي مقابل تراجع التأثير الفرنسي الذي كان حاضنا للنظام التونسي السابق. لكن تركيا التي كانت إلى جانب الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي وعارضت التدخل العسكري الأطلسي في ليبيا كانت تقف على طرفي نقيض مع الموقف الفرنسي. فرنسا كما يتذكر الجميع كانت سباقة على حلف شمال الأطلسي وعلى مجلس الأمن في إرسال طائرات وسفن حربية ودعم المعارضة المسلحة من أجل إسقاط القذافي لسببين الأول قطف حصة كبيرة لها من النفط الليبي بعد سقوط النظام والثاني تعويض فضيحة دفاعها عن نظام زين العابدين بن علي. وهي مواقف رأت فيها تركيا تفردا فرنسيا وأطماعا غير مقبولة. وبعدما كان رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان يعارض نية حلف شمال الأطلسي التدخل في ليبيا ويقول "أي شأن له هناك؟" عاد وبدل موقفه وأيد أن يتولى الحلف قيادة العمليات العسكرية في ليبيا فقط من أجل ألا تبقى فرنسا متفردة بتصدّر العمليات العسكرية في المراحل الأولى. كذلك كان التنافس الفرنسي- التركي على ليبيا واضحا عبر استباق ساركوزي ورئيس الوزراء البريطاني دايفيد كاميرون بيوم واحد زيارة قام بها أردوغان إلى بنغازي. وأنهى ساركوزي عهده أو ولايته الأولى بأسوأ ما تكون عليه في العلاقة مع تركيا عبر تحريك موضوع القضية الأرمنية في مطلع العام الحالي بالدفع بمشروع قانون يعاقب من ينكر حصول"إبادة" بحق الأرمن في العام 1915 على أيدي الأتراك. وكاد القانون الذي أقره مجلس النواب أن يتشرّع لولا إبطاله من جانب المجلس الدستوري الفرنسي. وكانت ردة الفعل التركية حادة من خلال تعليق العمل بالنشاطات المشتركة مع فرنسا والتضييق على حرية تنقل الطائرات الفرنسية فوق الأراضي التركية. لكن العقوبات التركية لم ترق إلى مستوى عال لأنها تضر اقتصاديا بتركيا. المزاج العام في تركيا اليوم لدى الشارع ولدى المسؤولين هو تمني خسارة ساركوزي رغم انه منسجم في السياسة الخارجية مع أنقرة تجاه سوريا وينسقان عبر "مؤتمر أصدقاء سوريا" الذي انعقد أولا في تونس ثم في اسطنبول وسينعقد لاحقا في فرنسا. خسارة ساركوزي ستفرح أنقرة لكن فوز هولاند، في المقابل، لن يكون مكسبا تركيا. فالاشتراكيون تاريخيا كانوا الأشد تأييدا للقضية الأرمنية وهم الذين كانوا يريدون معاقبة منكري الإبادة الأرمنية في حين كان ساركوزي يعارض قبل أن يغير موقفه أخيرا لأسباب انتخابية. لكن أنقرة لن تسر كثيرا في حال فوز هولاند الذي كان أول تصريح له، له علاقة بتركيا،هو أن تركيا لن تدخل في عهد إلى الاتحاد الأوروبي لأنها لا توفر الشروط لذلك، في إشارة ضمنية إلى أنه لا يريدها في الأساس. لذا فإن على تركيا ألا تتوقع تغييرا في موقف فرنسا من انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي في حال فوز هولاند خصوصا أن أردوغان قال قبل يومين فقط في مؤتمر صحفي مع رئيس وزراء فنلندا أن الزعماء الأوروبيين غدارين وناكثي عهدهم بالنسبة لانضمام تركيا إلى الاتحاد. ساركوزي سيئ بالطبع لتركيا لكن هولاند لن يكون أفضل لها.