19 سبتمبر 2025
تسجيلتغييب العدالة في الطرح والنقاش حول مجمل القضايا الساخنة كان لافتاً للأنظار البرنامج التلفزيوني لم يلتزم بالمهنية التي عهدناها في الإعلام الأمريكي كالعادة تابعت قبل أيام حوار الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي على إحدى المحطات التلفزيونية الأمريكية، وأرى أن الحوار قد أعد مسبقاً بشكل احترافي مع زيارة الأمير إلى الولايات المتحدة لإظهار صورة مشرقة للضيف – كما يبدو – وهي من المقابلات التلفزيونية مدفوعة الثمن، وتدخل في "مجال العلاقات العامة" لتصحيح الصورة وتغيير بعض المفاهيم أمام الرأي العام الأمريكي تجاه ما يحدث داخل المملكة خلال الفترة الحالية!! . ومن يتابع الحوار التلفزيوني يكتشف من أول وهلة أنه خارج عن الالتزام بالمهنية وأبجديات الحوار التلفزيوني، ذلك أن مثل هذه الحوارات التي تجري مع ساسة الدول يجب ألا تكون قائمة على المجاملات. كما أن هذا الحوار لا يغطي كافة القضايا الشاملة التي تجتاح المجتمع السعودي، حيث يعاني الكثير من التحديات والصعوبات خلال عام 2017 م وما زالت مستمرة في عام 2018 م، وفي الحوار الكثير من الإجابات التي يتحفظ عليها الكثير من النقاد والمحللين الإعلاميين لما تضمنته من إجابات تحتاج إلى توضيح أكبر بعيداً عن الغموض الذي يسود سياسات الحكومة السعودية في الوقت الراهن... ويبدو أن مثل هذا الحوار كان مشتملا على الكثير من تساؤلات الشارع السعودي أولا والخليجي والعربي ثانياً.. خاصة ما يتصل بالأزمات التي تعيشها دول المنطقة وتعاني منها الأمرين، بسبب القرارات الخاطئة التي لا تخدم القرار السياسي الصحيح وتنصب في صالح بعض الدول التي كانت وما زالت تمارس الإرهاب والتطرف لهدم المجتمع الخليجي بشكل خاص!! . تغييب أزمة الخليج من الحوار ويلاحظ كذلك أن ولي العهد السعودي قد استبعد من حواره "أزمة الخليج والحصار ضد قطر"، لأنه يظن كما يقول "بأنها صغيرة جدا" ولعله لا يريد البوح بأن دول الحصار قد تلقت الهزيمة المبكرة من جراء هذه الأزمة التي حاولت فيها السعودية وجيرانها النيل من قطر والهيمنة على خيراتها الاقتصادية من باب الأطماع التي كانوا يحلمون بها للاستيلاء على قطر .. حيث فشلوا جميعاً فشلاً ذريعاً عندما تصدت لهم قطر حكومة وشعباً ولقنتهم الدروس التي لن ينسوها طوال مشوارهم السياسي. الحديث بنبرة قاصرة لعل هذه السمة تجعل مثل هذا الحوار التلفزيوني يخرج من إطار الشفافية التي يجب أن يتمتع بها الضيف المحاور، خاصة أن البرنامج يبث في المجتمع الأمريكي الذي ينشد المصداقية في كل البرامج المرئية التي تقدم للمتلقي للاستفادة قدر المستطاع ... وهذه النظرة القاصرة من قبل الضيف جعلت البرنامج هزيل المستوى في مادته المعروضة، ولم يقدم ما يطمح اليه الجمهور، حيث كان يجب أن تطرح عليه مقدمة البرنامج بعض الأسئلة المحرجة والحيوية التي تهم الشارع السعودي والخليجي بشكل خاص، والإقليمي والدولي بشكل عام. إتباع نفس سياسة أبوظبي وواضح أيضا من هذا الحوار أنه كان يردد نفس سياسة أبوظبي في التوجهات السياسية وإقحام بعض الأحزاب للتقليل من شأنها ومن أهدافها التي تقحم السياسة في كل شيء – كما يدعون - ، وهذا يؤكد على أن حديث ولي العهد السعودي في البرنامج التلفزيوني كان معداً مسبقاً ويبدو أن الأسئلة أيضا كانت معروفة قبل الاجابة عليها، وهذه هي لعبة الإعلام غير الشفاف سواء كان ذلك في الولايات المتحدة أو في عالمنا العربي.. فالكل يسيّر ذلك الاعلام حسب مصالحه الخاصة، وليس حسب مصالح المتلقي الذي ينشد الحرية في النقاش والطرح!!. كلمة أخيرة : إدراج بعض الموضوعات الهامشية وغير المهمة في حوار ولي العهد السعودي جاء ليؤكد مدى الالتفاف على الواقع المرير الذي يعيشه المجتمعان السعودي والخليجي في الوقت الراهن.. وهو هروب واضح من المواجهة والتغطية على الأحداث الجارية والواقعية.