لم نعد نفهم.. لم نعد نصدق..لم نعد نثق

نفتح التلفزيون فنجد (المذيعين) يشتمون، أو يلمعون، أو يداهنون، أو ينافقون، أو يتهمون، أو يبرئون، ما يقولونه اليوم قد يناقضونه غدا، وعلينا أن نسمتع صاغرين أو مقهورين، لا يهم! كيف يفهم العقل وما نراه ونسمعه (يجيب الجنان) الرسمي؟ نصدق من؟ نشرة اخبار التاسعة؟ أو الثانية؟ الوجع يأتينا من زن الإعلام، والوجع الأكبر وكل ما يرفع الضغط من التناقض الفج، والأمثلة كثيرة، مرة نرى الإعلام بوتيرة واحدة في نفس اليوم بنفس المذيعين قائلا إن حماس منظمة إرهابيه، الإعلام لا يقول هذا من عندياته، القضاء قال كلمته! قال إيه؟ قال إن حماس إرهابية، يخرج علينا مؤجج الفتنة (الإبراشي) ليؤكد أن حماس منظمة إرهابية ويسوق أدلته، ثم يعود هو نفسه ليدافع عن منظمة حماس ويقول حماس حركة مقاومة، وصدق في قوله الأخير، فنحن نعلم من سنين كم قدمت حماس مهور الفداء من أولاد قياديها، ولم تهربهم إلى الخارج ليعيشوا منعمين بعيدا عن الخطر! مذيع (الخرابة) أحمد موسى سمعته يقول (نفسي الطيارات قبل ما تروح مشاويرها تروح تدك أم حماس، أم المعسكرات في حماس)، ثم يعود ليصلح ما أفسده هوـ لا الدهر ـ بتلميع جهاد حماس ودورها. (ويمكن يشد الواحد شعره) وهو يسمع وزير الداخليه المصري نفسه يؤكد أكثرمن مرة أن حماس منظمه إرهابية، ثم نسمع العجب العجاب في خبر يقول إن (الجيش المصري يفقد السيطرة على سيناء، ومصر تطلب من حماس رسميا المساعدة في ضبط الأمور والحدود!! ثم فجأة وبعد أيام..أقول أيام لا سنوات، يتغير طقس الهجوم وحكايات اقتحام حماس للسجون، وقتلها للمتظاهرين في التحرير، ومؤامرات حماس البشعة، وخطفها للجنود، وقتل شبابنا في سيناء، واشتراكها في التفجيرات داخل مصر وخارجها، تنفيذاً لتهديد (البلتاجي) فجأة فجأة يصل وفد من حماس إلى القاهرة للقاء المخابرات المصرية، وطبعا يسلمون على بعض، وطبعا (يبوسو) بعض ويخرج المتحدث الرسمي باسم حماس يقول إن (غزة لن تكون ملجأ لمن يضر بمصر).هم تاني مثلا يطلع عمرو أديب الذي كان يزعق طالبا سحق حماس والإخوان المتحالفين معها لعمايلها السوده في سيناء، ليقول من أيام (انتو فاكرين يعني لو بكره الصبح خرجنا بديع من السجن العمليات حتقف؟ إذا كانت الجماعات الموجودة في سيناء دول بيقولوا على بديع كافر). أديب يقصد من كلامه الجديد تبرئة بديع وبالتبعية مرسي من تفجيرات سيناء، وقس على مثل هذه الأمور لإعلام متناقض كمنشار أخبار تذاع في الصباح ثم تكذب في المساء، اتهامات فظيعة ما تلبث أن يقال إنها تصريحات خاطئة، اتهامات بالعمالة والخيانة ثم فيض من المديح لنفس البشر بالنزاهة والشرف، منظمة إرهابية مطلوب سحقها حالا وفجأة تصبح صديقة ومتعاونة، وممكن تساعد في صد الإرهاب (حاجه تجنن) احنا باختصار تعبنا، زهقنا، لم نعد نفهم، لم نعد نصدق، لم نعد نثق.* طبقات فوق الهمس* سأل رجل أحد العلماء: هل أنا من الصالحين؟ فأجاب: إن كنت تدعو لوالديك فأنت منهم لحديث (أو ولد صالح يدعو له) وإن كنت تنسى والديك فلست منهم بقدر نسيانك لهم. أكثروا من قول "رب اغفر لي ولوالدي" فإنها تجمع بين عبادتين البر والاستغفار.* حكايه أعجبتنيبعد وفاة الأب، وضع الابن أمه في بيت العجزة وكان يزورها بين فترة وأخرى، وفي مرة جاءته مكالمة من بيت العجزة تخبره بأن أمه تحتضر فذهب الابن مسرعا ليرى أمه قبل أن تموت. هناك سألها: ماذا تريدنني أن أفعل يا أماه؟ قالت: أريد أن تضع مراوح في بيت العجزة؛ لأنه لا يوجد لديهم مراوح، وأن تضع ثلاجة لطعام جيد، فكم نمت من غير أكل، فرد الابن باندهاش: الآن تطلبين هذه الأشياء وأنتِ تحتضرين، ثم لم أسمعك تشتكين من قبل، ردت الأم: نعم يا ولدي، لقد تأقلمت مع الحر والجوع، ولكنني أخشى عليك أنت ألا تتأقلم عليها عندما يأتي بك أولادك إلى هنا في كبرك!!! * في يقيني أن يوما واحدا لا يكفي (نهر الحب) ليكون لها عيدا، مفروض أن يكون العيد كل يوم بالرعاية، والعناية، والاحتواء، والحب، لكل من يهتم بعيد الأم سأدلك على أجمل من الاحتفال بشكليات فارغة، اجعل هديتك ان تعتني بأمك أكثر، اخفض لها جناح الذل من الرحمة وقل "ربي ارحمها كما ربتني صغيرا"، لا ترفع صوتك عليها، وادعُ لها، اللهم أدعوك باسمك الأعظم الذي إذا دعيت به أجبت أن لا تجعل لأمي حاجة عند غيرك، واجعل أوقاتها معمورة بذكرك، واجعل أمي في ضمانك، وأمانك، وإحسانك، وارزقها رضاك، وأعوذ بك من أن أعقها، اللهم اختم بالحسنات أعمالها وحرمها على النار برحمتك يا أرحم الراحمين.* تذكير لم يهتمون بعيد الأم، أجمل من هديتك ألا تغضب والديك لترضي أحدا من خلقه، فالآخرون لم يفنوا حياتهم لبناء حياتك، والداك جعلوك أميرا في صغرك، فاجعلهم ملوكا في كبرك.* فراق الأم ألم موجع لا يشعر به إلا من جربه، في العين دموع، وفي القلب ألم، وفي الروح وجع، وفي اللسان دعاء لا ينقطع "اللهم ارحم أمي يا ذا الجلال والإكرام".